أمن بريطانيا ما بعد البريكست ، كيف سيكون ؟
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا-وحدة الدراسات والتقارير “4”
يعتبر يوم 31 يناير 2020، هو موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، كان البرلمان الأوروبي، قد صادق نهائيًا على صفقة “بريكست” مع بريطانيا،، وأوضحت شبكة “فرانس 24” الإخبارية أن 621 عضواً بالبرلمان الأوروبي وافقوا على “بريكست” مقابل رفض 49 آخرين.
اتخذت بريطانيا قرارها خلال عام 2016. بالخروج من الاتحاد الأوروبي، في أعقاب التصويت الذي أجرته في يونيو من نفس العام، بريطانيا اتخذت قرار الخروج، رغم كل المخاوف الاقتصادية والامنية التي يمكن ان تواجه لندن بعد «البريكست». وفى اكتوبر 2018 توصلت الحكومة البريطانية والاتحاد الأوروبي بعد المفاوضات الصعبة إلى اتفاق حول نص الوثيقة التي تحدد شروط خروج المملكة من الاتحاد (البريكست ) .
المخاوف الأمنية
جاءت هذه المفاوضات وسط تحذيرات امنية من الموافقة على اتفاق بريسكت فقد ظهرت دعوات في بريطانيا لإعداد خطة لمواجهة التحديات الأمنية في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق. هناك إجماع لدى المراقبين المعنيين بالأمن بأن خروج بريطانيا من الاتحاد سيجعلها أكثر عرضة للإرهاب، وربما يعود ذلك إلى فكرة أن الإرهاب لم يعد مستوردا بل أصبح محليا، في ضوء بيانات العمليات الإرهابية التي ضربت أوروبا.
كشفت وثيقة مسربة أعدّها مركز التنسيق التابع للشرطة الوطنية ، ونشرتها صحيفة “صنداى تايمز” فى 9 سبتمبر 2018 ، عن أن الشرطة البريطانية حذرت الحكومة من تبعات الخروج من الاتحاد الأوروبي .فقد يعرض السلامة العامة للخطر. كما يحذّر المركز من احتمال ارتفاع معدّل الجريمة في البلاد ولا سيّما عمليات السلب والسطو المسلح، مشيراً إلى أنّ “احتمال الاستعانة بالجيش وارد للغاية”.
دعى مفوض الشرطة والجريمة وزير الداخلية البريطانية فى 7 اغسطس 2018 نقلا عن “سكاى نيوز” الي صياغة خطط طوارىء بعد الخروج من الاتحاد الاوروبى. في المقابل رفضت الداخلية البريطانية التعليق على الوثيقة نقلا عن موقع “روسيا اليوم” فى 10 سبتمبر 2018، وقال متحدث باسم الوزارة ساجد جاويد المسربة نقلا عن ” أ ف ب ” بإنّه لا يتوقّع حصول البريكست من دون اتّفاق، مؤكداً في الوقت نفسه أنه “يتعيّن علينا في مطلق الأحوال الاستعداد لكافة الاحتمالات.
ومن جانبه أكد مسئول اوروبى فى 7 اغسطس 2018 نقلا عن “سكاى نيوز” ان بريطانيا ستخسر الكثير فى حالة فقد تعاونها الامنى مع باقى الاجهزة الامنية فى اوروبا ، وخاصة انها ما زالت تعاني من مشكلة التعاون وتقاسم المعلومات وتسريع تبادل المعلومات، خاصة ما يتعلق بالمقاتلين الأجانب والجماعات الإسلاموية المتطرفة. فانه بمجرد الخروج من الاتحاد الاوروبى سيتم مايلى:
- حرمانها من الوصول الي قاعدة البيانات التى تتتيح لها مشاركة المعلومات مع الشرطة لاوروبية بشان المشتبه بهم وبالتالى ستفشل فى تنفيذ استراتيجتها الجديدة لمواجهة الارهاب المسماة “كونتيست”، والتى اعلنت عنها فى 4 يونيه 2018 نقلا عن الشرق الاوسط فهى تعتمد على تبادل للمعلومات على نحو أسرع بين جهاز “إم اي 5” والشرطة والسلطات المحلية وكذلك القطاع الخاص.
- الخروج من نظام «شنغن» المعلوماتي الذى يتيح لها الوصول الي قاعدة البيانات الخاصة للمهاجرين عبر الحدود الاوروبية وسيأتى ذلك فى ظل معاناة بريطانيا خلال الشهور الأخيرة من أزمة المهاجرين واحتمال استغلال تدفق اللاجئين من جانب العناصر الإرهابية للتسلل إلى أوروبا بطريقة غير شرعية .
ومن جانبه حذر كبير المفاوضين الأوروبيين، ميشيل بارنييه، 2 يناير 2019 نقلا عن” رويترز “من أن مخاطر خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي من دون اتفاق، لم تكن أعلى مما هي عليه الآن، بعد رفض مجلس العموم البريطاني بشكل ساحق اتفاق البريكست. واضاف ميشيل إنه يمكنه قبول اتفاق خروج مختلف بعد أن رفض البرلمان لكن ذلك مرهون بتغيير مطالب لندن الرئيسية.
يقول مالكوم تشارلمر من المعهد الملكى للخدمات المتحدة، نقلا عن صحيفة واشنطن بوست فى 26 ديسمبر 2018 إن ما ستفعله بريطانيا بشأن الأمن سيحد من الضرر، فمنذ اليوم الذى صوت فيه البريطانيون لصالح البريكست فى يونيو 2016، شدد القادة البريطانيون على أنهم لا ينوون التخلى عن أوروبا لمجرد أنهم يغادرون الاتحاد.وقالت رئيسة الوزراء تيريزا ماى إنها لن تستخدم جيش بريطانيا القوى أو عملياتها الاستخباراتية العالمية كورقة مساومة فى مفاوضات الانفصال.
ذكرت صحيفة واشنطن بوست فى 26 ديمبر 2018 ايضا ان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى قد يكون أمرًا جيدًا للإرهابيين والكرملين، وسيئًا للأمن الأوروبى. ولكن بريطانيا ألزمت نفسها بمشاركة قوية فى الناتو، وهو التحالف الأمنى الذى يضم أغلب أعضاء أوروبا. وسعى النواب البريطانيون إلى تبنى القواعد الأوروبية حتى يستطيعون إلى حد كبير أن يحافظوا على الوضع القائم فى العديد من المناقشات الأمنية.
خطط بريطانيا لمواجهة التحديات الأمنية
ذكر وزير الدفاع البريطاني، غافين وليامسون، نقلا عن موقع “سكاى نيوز “19 ديسمبر 2018 إن بلاده وضعت 3500 جندي بريطاني بحالة جاهزية تحسّبا “لأي طارئ” في حال عدم إقرار اتفاق ينظّم خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي. كما كشف وزير الدفاع البريطاني في مقابلة أجرتها معه صحيفة “صنداي تلجراف” مؤخراً، نقلا عن موقع “البى بى سى” 30 ديسمبر 2018 إن بريطانيا ستفتتح القاعدتين الجديدتين، في الكاريبي وفي جنوب شرق آسيا، في وقت تسعى فيه لتعزيز وجودها العسكري وراء البحار بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي (البريكسيت).
وحض ويليامسون البريطانيين على التوقف عن التقليل من شأن نفوذ بلادهم الدولي، وعلى إدراك أن بلادهم ستقف شامخة على المسرح الدولي بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وتقول الصحيفة إن الفريق القانوني لوزير الدفاع يعمل على صياغة مسودة قانون جديد، ستُنشر في الشهر المقبل تُعطي إجراءات حماية وحصانة أكبر لجميع عناصر القوات المسلحة من الملاحقة القانونية.
وفي هذا الاطار كتب ريتشارد ديرلوف، المدير السابق لجهاز المخابرات الخارجية البريطاني (MI6) مقالا هاما فى ابريل 2016 عن الوضع الاستخباراتي لبريطاني بعد الخروج نقلا عن” البى بى سى” ،حيث قال ان كون بريطانيا مساهما رئيسيا في الأمن الأوروبي، فإنها بالكاد ستعاني من خروجها من الاتحاد الأوروبي، وهناك دول أخرى ستحتاج كثيرا إلى بقائها ضمن الكتلة الأوروبية. وأضاف أنه علاوة على ذلك فإن «خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى تحقيق مكسبين أمنيين مهمين، (وهما):
- القدرة على التخلي عن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
- تعزيز الرقابة على الهجرة من الاتحاد الأوروبي.
الخلاصة
يتضح مما سبق ان بريطانيا تقع فى مأزق حقيقى على المستوى الامنى فى ظل الخروج من الاتحاد الاوروبى حيث انها سوف تخسر الكثير من الدعم الامنى المشترك من خلال الاتفاقات الموقعة بين دول الاتحاد لتسهيل عملية تبادل المعلومات بين الاجهزة الاستخباراتية لمكافحة الارهاب. مما يزيد من خطورة تعرض البلاد الى موجة من العمليات الارهابية فى السنوات القادمة ، اضافة الي حدوث اضطرابات داخلية قد تسبب ارتفاع نسبة العنف والجريمة .وقد يزداد الامر تعقيدا مع صعوبة متابعة ملف الهجرة الغير شرعية فى ظل الخروج من نظام تشغن المعلوماتى .فيجب على الحكومة البريطانية الاستجابة الي مساعى المفوضية الاوروبية الى تحقيق الاتفاق ولكن مع اجراء التعديلات المطلوبة لتحقيق الامان والاستقرار لكل الاطراف المعنية .
رابط مختصر … https://www.europarabct.com/?p=49658
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
الهوامش
سبوتنيك -ماي: استفتاء جديد بشأن “بريكست” يخل بوعدنا لمواطني المملكة -17-12-2018
موقع البى بى سى البريطانى -اتفاق بريكست: ماي تواجه تحديا جديدا بالتصويت على حجب الثقة عن حكومتها – 16 -1- 2019
http://www.bbc.com/arabic/world-46894503
موقع البى بى سى البريطانى -صنداي تلغراف: بريطانيا ستفتح قاعدتين لتعزيز نفوذها العسكري وراء البحار بعد البريكسيت – 30 -12-2018
http://www.bbc.com/arabic/inthepress-46713012
DW – ماي تمد يدها إلى معارضيها بعد فوزها بالتصويت على الثقة – 17-1-2019
سكاى نيوز عربية -تحذيرات من تأثير “البريكست” على الأمن البريطاني – 7 -8-2018
https://www.skynewsarabia.com/video/1171509-%D8%AA%D8%AD%D8%B0%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%A7%D9%94%D8%AB%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%B3%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%94%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A
الشرق الاوسط -بريطانيا تستعد لكشف استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب – 4 -6-2018
رويترز -الاتحاد الأوروبي مستعد لبحث اتفاق خروج جديد إذا غيرت بريطانيا “الخطوط الحمراء” – 16-1-2019
https://ara.reuters.com/article/worldNews/idARAKCN1PA1BL
روسيا اليوم – بريطانيا قد تستنفز 3.5 الف جندى فى حال “بريكست من دون صفقة ” – 18-12-2018