خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
انتهى التراجع الذي استمر لعقود في مخزونات الأسلحة النووية العالمية، ومن المرجح أن يبدأ عدد الرؤوس الحربية في جميع أنحاء العالم لا سيما في أوروبا، في الارتفاع في المستقبل القريب، وفقا لدراسة جديدة أجراها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI).
تمتلك الولايات المتحدة وروسيا الغالبية العظمى من الرؤوس النووية في العالم حوالي 90%، وفقا لتقديرات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام. ومن إجمالي المخزون العالمي البالغ حوالي 12241 رأسا نوويا، تمتلك روسيا 5459 رأسا نوويا، بينما تمتلك الولايات المتحدة حوالي 5177 رأسا نوويا.
يتوقع خبراء ومحللوا معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) أن كلا البلدين بدأ في تعزيز ترسانتيهما النووية من جديد بعد التقدم المحرز في تفكيك الأسلحة النووية القديمة التي بُنيت خلال الحرب الباردة. ويشير التقرير إلى أن “وتيرة التفكيك تتباطأ، بينما يتسارع نشر الأسلحة النووية الجديدة”.
تسعى القوتان النوويتان في أوروبا الغربية، المملكة المتحدة وفرنسا، إلى تحديث وتطوير ترسانتيهما المتواضعتين. كما ارتفعت مخاطر انتشار الأسلحة النووية في أوروبا، مع رد فعل الدول على تهديد العدوان الروسي واحتمال تراجع الولايات المتحدة عن ضماناتها الأمنية لحلفائها في القارة.
تقول مات كوردا، الباحثة المشاركة في برنامج أسلحة الدمار الشامل في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام: “في حين أن الدول النووية الجديدة لن تظهر بين عشية وضحاها، فمن الواضح أن العديد من البلدان تفكر بشكل متزايد في الأسلحة النووية باعتبارها الرصاصة الفضية لأمنها القومي”.
يقول مدير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام، دان سميث: “الأمر الأكثر إثارة للقلق بشأن المخزونات النووية هو أنه بعد فترة طويلة من التخفيض، بدأنا نرى علامات على أن هذا الاتجاه آخذ في الانعكاس. إن نزع السلاح النووي على المدى الطويل يقترب من نهايته”. وأضاف سميث: “على مدى سنوات، كان المشهد الأمني العالمي قد أصبح قاتما بالفعل. وبدأت الدول الحائزة على الأسلحة النووية في الشروع في برنامج تحديث مكثف. لم تكن هناك مجرد تعديلات طفيفة هنا وهناك، بل كانت هناك تغييرات عسكرية جادة جارية”.
تركيز متجدد على الطاقة النووية في لندن وباريس
تخطط المملكة المتحدة لزيادة ترسانتها الحالية من 225 رأسا حربيا إلى 260، على الرغم من أن معهد ستوكهولم لأبحاث السلام لم يسجل أي تغيير في عام 2024. وفي ظل ارتفاع الإنفاق العسكري لحلف شمال الأطلسي، أعلنت المملكة المتحدة عن خطط لاستثمار 15 مليار جنيه إسترليني لتوسيع وتطوير قدرتها النووية السيادية بالتوازي مع الرؤوس الحربية الأمريكية.
تراجعت لندن عن التزاماتها السابقة بتقليص مخزونها في عام 2021، مشيرة إلى تغير في البيئة الأمنية، وحثت المراجعة الدفاعية الاستراتيجية الأخيرة للمملكة المتحدة على مشاركة أكبر في الردع النووي لحلف شمال الأطلسي.
تخطط المملكة المتحدة لبناء المزيد من الغواصات في إطار توسيع البحرية الملكية. تُعدّ الوسيلة الوحيدة لتوصيل الأسلحة النووية للمملكة المتحدة هي عبر أسطولها من الغواصات، مع أن المراجعة الاستراتيجية أوصت بشراء نسخة من طائرة إف-35 قادرة على حمل أسلحة نووية.
في غضون ذلك، يُقدّر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) أن مخزونات فرنسا من الأسلحة النووية ظلت مستقرة عند 290 رأسا نوويا. إلا أن فرنسا تستثمر في تحديث وتطوير أسلحتها النووية. وقد فتح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نقاشا حول ما إذا كانت الترسانة النووية الوحيدة للاتحاد الأوروبي قادرة على لعب دور أوسع في الدفاع عن القارة.
ازداد الجدل خلال العام 2025 حول إمكانية توسيع المملكة المتحدة وفرنسا نطاق مظلاتهما النووية لحماية حلفائهما الأوروبيين بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض. حتى أن احتمال إنشاء برنامج نووي للاتحاد الأوروبي أُثير قبيل الانتخابات الأوروبية عام 2024. لكن كوردا أكدت إن “من غير الواضح بعد ما إذا كانت المخزونات ستكون بحاجة إلى الزيادة لاستيعاب هذه التغييرات”.
تابع سميث، مدير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام قائلا: “ازداد انعدام الأمن ببطء منذ عامي 2007 و2008، ثم عاود الارتفاع منذ عام 2014، حتى لحظة وقوع تسونامي في فبراير 2022، أعتقد أن تلك كانت اللحظة التي أدرك فيها العديد من المواطنين العاديين لأول مرة التدهور الذي تراكم على مدى أكثر من عقد من الزمان”. مشيرا إلى: “زيادة الصين إنفاقها العسكري عاما بعد عام على مدار الثلاثين عاما الماضية. وهي الدولة الوحيدة في العالم التي ينطبق عليها هذا. وبطبيعة الحال، أعاد الغرب النظر في علاقاته مع الصين، تمامًا كما فعل مع روسيا”.
الترسانات تنمو في كل مكان
ووفقا لتقرير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام، فإن قوى أخرى في أماكن أخرى من العالم تسعى بنشاط إلى الحصول على المزيد من الأسلحة النووية. تمتلك الصين أسرع ترسانة نووية نموا في العالم، حيث تضيف حوالي 100 رأس نووي سنويا منذ عام 2023، ليصل عددها إلى ما يُقدر بـ 600 رأس نووي.
يُعتقد أن الهند، المتورطة في صراع طويل الأمد مع باكستان تصاعد مؤخرا، قد زادت ترسانتها بشكل طفيف في عام 2024 إلى حوالي 180 رأسا نوويا. ويتوقع معهد الأبحاث السويدي أن تنمو ترسانة باكستان النووية، التي يبلغ عددها 170 رأسا نوويا، بشكل كبير خلال العقد المقبل.
وقدر التقرير ترسانة إسرائيل النووية التي لا تعترف بها الدولة رسميا بنحو 90 رأسا حربيا بحلول يناير 2025. وفي الوقت نفسه، قد تمتلك كوريا الشمالية نحو 50 رأسا حربيا ولديها ما يكفي من المواد النووية للتوسع إلى 90 رأسا، وفقا لتقديرات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام.
الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الفضاء تزيدان من خطر الحرب النووية
يعتقد سميث: “أن سباق التسلح النووي القادم سيدور حول الذكاء الاصطناعي والفضاء الإلكتروني والفضاء بقدر ما سيدور حول الصواريخ في المخابئ أو على الغواصات أو القنابل على الطائرات. وستكون البرمجيات بنفس أهمية الأجهزة”. وهذا يُعقّد مشكلة ضبط ومراقبة الأسلحة والمخزونات النووية. ففي الماضي، كان التنافس بين الدول الحائزة للأسلحة النووية قائمًا تقريبًا على العدد الهائل من الرؤوس الحربية.
لقد طُرح موضوع الذكاء الاصطناعي منذ فترة فيما يتعلق بما يُسمى “الروبوتات القاتلة” واستخدام الطائرات المسيرة الآلية وشبه الآلية في حرب روسيا ضد أوكرانيا. لكن هذا لا ينطبق حتى الآن على الأسلحة النووية.
يُمكّن الذكاء الاصطناعي من معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة فائقة. نظريا، يُساعد هذا صانعي القرار على اتخاذ قرارات أسرع. مع ذلك، في حال وجود مشاكل برمجية أو عطل في نظام يعتمد كليا على التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، فقد يُؤدي خلل فني بسيط إلى ضربة نووية.
وأوضح: “أعتقد أن جميع القادة السياسيين والعسكريين يتفقون معي على أنه يجب أن يكون هناك خط أحمر يجب ألا يتم اتخاذ قرار إطلاق ضربة نووية من خلال الذكاء الاصطناعي”.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=105137