خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI.
يأمل الاتحاد الأوروبي في إنشاء “مركز للأمن البحري في البحر الأسود”؛ لمواجهة تحركات روسيا في المنطقة، وحماية البنية التحتية البحرية الحيوية. تشكل الخطة جزءا من استراتيجية أوسع للاتحاد الأوروبي قدمتها مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس في 28 مايو 2025 لتعزيز التعاون الوثيق مع أرمينيا وأذربيجان وجورجيا ومولدوفا وتركيا وأوكرانيا.
تشير الاستراتيجية إلى أن بروكسل يجب أن تساعد الدول الأعضاء من خلال “بناء القدرات البحرية، والوسائل الممكنة فيما يتعلق بمراقبة البحر بما في ذلك مراقبة وقف إطلاق النار البحري المحتمل، وجهود تنظيف الألغام، وحماية البنية التحتية الحيوية، ودوريات الخطوط البحرية التجارية، ومواجهة التهديدات الهجينة، بهدف ردع الاعتداءات المستقبلية في المنطقة، وعندما تسمح الظروف تعزيز السلام”.
تشير التحليلات إلى أنه ينبغي أن تتعامل بروكسل مع قضايا مثل “الوعي بالوضع البحري، والمراقبة في الوقت الحقيقي من الفضاء إلى قاع البحر، والإنذار المبكر من التهديدات المحتملة والأنشطة الخبيثة”. سيركز المركز على أشياء مثل الكابلات البحرية، والمنشآت البحرية، وعمليات الغاز وطاقة الرياح قبالة السواحل الرومانية والبلغارية.
تأتي هذه الوثيقة في ظل تخطيط الدول الأوروبية لنشر نوع من قوة الطمأنينة في أوكرانيا في حالة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار لحرب أوكرانيا.
اقترحت تركيا قيادة المكون البحري لهذه القوة لا سيما من خلال ضمان المرور الآمن في البحر الأسود، وإزالة الألغام المحتملة، ورغم أن الوثيقة لا تشير بشكل مباشر إلى أي قوة طمأنة لأوكرانيا فإنها تسلط الضوء على زيادة التعاون مع أنقرة لتأمين السلام في البحر الأسود، وما حوله. في حين تقود المملكة المتحدة، وفرنسا الطريق من حيث إرسال قوات برية.
تشير الوثيقة إلى: “أن تركيا يمكن أن تلعب دورا بناء في مواجهة الأسطول الروسي الظل، والمساهمة في الجهود الرامية إلى تعزيز السلامة البحرية وأمن الطاقة، والاتصال بما يتماشى مع القانون الدولي، والاتفاقيات ذات الصلة”.
ووعدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بوضع استراتيجية محددة للبحر الأسود بعد إعادة انتخابها رئيسة للمفوضية الأوروبية في أواخر عام 2024.
تتمثل الفكرة في أن تقوم كالاس بتنظيم اجتماع وزاري مخصص للاتحاد الأوروبي مع الدول الشريكة في منطقة البحر الأسود لتطوير، وتعزيز جوانب مختلفة من التعاون. ذلك في إطار النهج الجديد للاتحاد الأوروبي تجاه منطقة البحر الأسود، وعلى أساس طريق متفق عليه بشكل مشترك للمضي قدما.
عقد الاتحاد الأوروبي بالفعل اجتماعات مخصصة من هذا القبيل مع وزراء خارجية الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في غرب البلقان. فعل الاتحاد الأوروبي ذلك في السابق مع بلدان الشراكة الشرقية أرمينيا، وأذربيجان، وبيلاروسيا، وجورجيا، ومولدوفا، وأوكرانيا.
رغم أن النص لا يتضمن أي تعهدات مالية جديدة، أو مقترحات تشريعية ملموسة، فإنه يقدم بعض المؤشرات على تفكير المفوضية الأوروبية بشأن بعض البلدان في المنطقة.
تشير الوثيقة إلى أن “دور الاتحاد الأوروبي، ومسؤوليته في منطقة البحر الأسود يتزايدان، وخاصة مع افتتاح مفاوضات الانضمام مع أوكرانيا وجمهورية مولدوفا؛ ومع جورجيا، إذا عادت البلاد إلى مسار الاتحاد الأوروبي”.
في حين أن بروكسل كانت تشير في السابق إلى بعض الانتقادات الموجهة إلى أذربيجان، ولا سيما الافتقار إلى انتخابات حرة ونزيهة وتقلص مساحة المجتمع المدني في البلاد، فإن الاستراتيجية الحالية تذكر باكو فقط من حيث التعاون في مجال الطاقة ومكافحة تغير المناخ.
يعد التعاون مع الشركاء الإقليميين، وخاصة أذربيجان أحد الإجراءات الأساسية لدعم جهود الاتحاد الأوروبي الرامية إلى التخلص التدريجي من واردات الطاقة الروسية المتبقية، وتسريع تنويع مصادر الطاقة كما هو موضح في خارطة طريق RePowerEU. وبالتالي تعزيز أمن الطاقة في الاتحاد الأوروبي.
يبدو أن الاتحاد الأوروبي ينتقل من مجرد رد الفعل تجاه التهديدات الروسية إلى موقع المبادِر، والفاعل الإقليمي في البحر الأسود. إنشاء “مركز للأمن البحري” لا يعني فقط بناء قدرات دفاعية. بل هو إعلان ضمني عن توسيع الدور الجيوسياسي للاتحاد الأوروبي كفاعل أمني مباشر، وليس مجرد قوة اقتصادية أو دبلوماسية.
قد يشهد العقد القادم أدوار أمنية متزايدة لحلف الناتو (بشكل مباشر أو عبر الاتحاد الأوروبي)، ما قد يُقابَل بتصعيد من موسكو. تركيا مرشحة لتكون اللاعب التوازني في المنطقة، مستفيدة من علاقتها الجيدة نسبيًا مع كل من روسيا والغرب، مما يضعها في قلب أي معادلة أمنية مستقبلية في البحر الأسود.
بات متوقعا خلال السنوات الخمس القادمة إعادة هيكلة جوار الاتحاد الأوروبي الشرقي ليصبح أكثر اندماجًا مع المؤسسات الأوروبية، سواء بالعضوية الرسمية، أو بالتكامل المرحلي على غرار ما حصل مع دول البلقان الغربية.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=104764