خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
يجب على أوروبا أن تعتمد استراتيجية جديدة تركز على الردع والمرونة والدفاع حسب “آنا ويسلاندر” مديرة قسم شمال أوروبا في المجلس الأطلسي ورئيسة مجلس إدارة معهد الأمن وسياسة التنمية. أثناء السفر في أوروبا في الآونة الأخيرة، أصبح من الواضح أن هناك اعتقادات واسعة النطاق لا تعكس بدقة جوهر التحدي الروسي بعد حربها على أوكرانيا. إن هذه المعتقدات لن تؤدي إلى السلام، ولن تجلب الرخاء، وعلى العكس من ذلك، فإنها قد تكون خطيرة للأمن الأوروبي.
أولا، هناك اعتقاد واسع النطاق ولكنه خاطئ بأن حرب روسيا على أوكرانيا هي قضية محلية، ولكن في الواقع تشكل روسيا تهديدا منهجيا أوسع للنظام الدولي، وليس مجرد تهديد إقليمي. إن روسيا تشكل تهديدا منهجيا، يتجلى في طموحاتها العالمية، وحشدها العسكري، وحربها الهجينة، وتهديداتها النووية، وتحالفها مع الصين، بهدف تحدي النظام الدولي خارج أوكرانيا.
الواقع الجيوسياسي يعني أن أوروبا لا تستطيع أبداً أن تتجاهل روسيا. بل على العكس من ذلك، يتعين على أوروبا أن تواجه طموحات روسيا في أن تصبح قوة عظمى في نظام متعدد الأقطاب، وهو ما يتجلى في جهودها الرامية إلى توسيع قوتها السياسية وإقليمها.
ثانيا، إن الاعتقاد بأن التقاعس عن العمل أو الانتظار والترقب تجاه روسيا من شأنه أن يعزز السلام هو اعتقاد مضلل، لأنه لا يؤدي إلا إلى تشجيع السلوك المقوض للأمن. والسبب في ذلك هو أن التهديد المنهجي مثل روسيا لا يهتم بفرض القيود الذاتية على سلوكه لأنه يريد تحويل الوضع الراهن لصالحه، ويريد أن يكون لديه مجال للتوسع. إن تطبيق القيود أحادية الجانب المفروضة ذاتيا من جانب الغرب في مثل هذه الحالة أمر محفوف بالمخاطر بكل بساطة. وبدلاً من ذلك، لا بد من موازنة القوة العظمى المهددة بقوى عظمى أخرى لاستعادة السلام والنظام.
إن الردع هو المفتاح. وحتى الآن، لم تردع أوروبا روسيا. والواقع أن حربها الهجينة ضد الغرب على مدى عقد من الزمان توضح هذا بوضوح. في وقت سابق من العام 2024، حذر رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك من أن أوروبا تعيش عصر ما قبل الحرب. وفعل قائد الجيش البريطاني ساندرز الشيء نفسه في يناير/كانون الثاني.
وبدلاً من ذلك، يتعين على أوروبا أن تتبنى استراتيجية جديدة تركز على الردع والمرونة والدفاع، مع زيادة الاستثمار في القدرات العسكرية فضلاً عن تدابير الحرب الهجينة لمواجهة حجم التهديد الروسي.
وتتضمن المكونات الرئيسية لهذه الاستراتيجية ما يلي:
يتعين على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلفاء الناتو زيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
يتعين على أوروبا أن تزيد مساهماتها في حلف شمال الأطلسي. ويتعين على الحلفاء الأوروبيين والكنديين أن يقدموا ما لا يقل عن 50% من القدرات المخصصة لحلف شمال الأطلسي بحلول عام 2030.
وبما أن خط الدفاع الأول لأوروبا يقع حاليا في أوكرانيا، فيتعين على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلفاء الناتو الالتزام بإنفاق 0.25% من ناتجهم المحلي الإجمالي سنويا على الدعم العسكري لأوكرانيا.
يتعين على أوروبا أن تعمل على تطوير ثقافة أمنية شاملة ومتكاملة لمواجهة الحرب الهجينة بنجاح. وهذا يتطلب مزيجاً منسقاً جيداً من التخطيط المدني والعسكري.
إن الغرب لا يحتاج فقط إلى رؤية كيفية استخدام المجالات المجتمعية المختلفة وترابطها في الحرب الهجينة التي تشنها روسيا. بل نحتاج أيضًا إلى تطوير تكتيكات للرد عبر المجالات.
ويمكن للاتحاد الأوروبي أن يدعم هذا من خلال تقييمات التهديدات المشتركة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والتدابير التنظيمية، وتوحيد السياسات.
كما أن زيادة الاستثمار في التوعية العامة وتعزيز القدرة على الصمود أمر بالغ الأهمية.
لن تتمكن أوروبا من بناء الرخاء في المستقبل دون وجود دفاع قوي كأساس. إن أوروبا لن تتمكن من ضمان نظام أمني مستقر في المستقبل إلا من خلال تحقيق التوازن في مواجهة روسيا.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=98077