أمن أوروبا ـ كيف يؤثر التحول الأمريكي نحو آسيا على الدفاع الأوروبي؟

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

يقول وزير الدفاع الفنلندي “أنتي هاكانين”: “إن حلفاء الناتو الأوروبيين يجب أن يكون لديهم خارطة طريق واضحة توضح كيفية عمل أي انسحاب أمريكي من القارة”. وتابع “نحن بحاجة إلى نوع من الخطة المشتركة مع الأميركيين بشأن خارطة طريق إذا كان الأميركيون يغيرون التوازن في منطقة المحيط الهادئ في قدرات الدفاع التقليدية”.

دعوات إلى خارطة طريق واضحة من واشنطن

ودعا إلى خارطة طريق واضحة من واشنطن حتى لا تكون هناك أي فرصة أمام روسيا لتجربة شيء ما، وقال إن الخطط الأميركية ينبغي أن تنسق مع مبادرات الاتحاد الأوروبي لتعزيز القدرة الدفاعية للكتلة. وتتوافق تعليقات “هاكانين” مع تعليقات وزير الدفاع الألماني “بوريس بيستوريوس” الذي طلب في مارس 2025 من نظيره الأميركي بيت هيجسيث تطوير خارطة طريق لتجنب الفجوات في القدرات، وتنظيم تقاسم الأعباء تدريجيا، لمعرفة من يفعل ماذا، في حال نقلت الولايات المتحدة قواتها من أوروبا إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وأكد بيستوريوس إنه لم يتلق أي رد من البيت الأبيض أو البنتاغون.

تبذل الدول الأوروبية جهودا حثيثة لإعادة معايرة دفاعات القارة في الوقت الذي تشن فيه إدارة دونالد ترامب حربا اقتصادية ضد الاتحاد الأوروبي، وتعمل على تحسين العلاقات مع روسيا، وتحذر من أنها قد لا تدافع عن حلفاء حلف شمال الأطلسي الذين تشعر أنهم لا ينفقون ما يكفي على الدفاع، وتهدد بغزو جرينلاند.

لا توجد مفاجآت داخل التحالف

وصف وزير الخارجية الأميركي “ماركو روبيو” المخاوف بشأن التزام أميركا بالحلف بأنها “هستيرية”. وأوضح رئيس حلف شمال الأطلسي مارك روته إنه “لا توجد مفاجآت داخل التحالف وأن أي تحول أمريكي نحو آسيا سيتم بطريقة منسقة للغاية”.

أبدى الوزير الفنلندي تفهمه للحجج الأمريكية حول ضرورة التحول نحو آسيا. وأكد: “الرسالة التي أتلقاها من الأمريكيين، ومن البنتاغون، هي أننا بحاجة إلى فهم ضغطهم الناجم عن الحشد العسكري الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”. لكن “هاكانين” حذر من أن أي انسحاب أميركي من أوروبا يشكل خطرا على القارة، وخاصة على الدول القريبة من روسيا.

قال الوزير، الذي تشترك بلاده في حدود بطول 1340 كيلومترًا مع روسيا، وتستطيع قواتها الدفاعية استدعاء ما يقرب من مليون جندي احتياطي ، ونموذج أمن شامل للمجتمع للتأهب للأزمات: “أوروبا ضعيفة للغاية بدون القدرات الأمريكية. يجب أن تُكمّل بالقدرات الأوروبية”. انضمت فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) قبل عامين نتيجةً للغزو الروسي لأوكرانيا.

الاتحاد الأوروبي يلعب دورًا أكبر في الدفاع لردع التهديد من روسيا

يلعب الاتحاد الأوروبي دورًا أكبر في الدفاع لردع التهديد من روسيا، وهو جهد مدفوع بالمخاوف المتزايدة بشأن موثوقية التحالف مع الولايات المتحدة. وتابع “هاكانن”: “إن خطط المفوضية الأوروبية التي من الممكن أن تطلق 800 مليار يورو من الإنفاق العسكري من خلال تخفيف القواعد المالية الوطنية وتقديم 150 مليار يورو في شكل قروض دفاعية، من أجل تعزيز دفاعات الكتلة بحلول عام 2030 ، تسير على الطريق الصحيح”. ومن المتوقع أن يتخذ زعماء الاتحاد الأوروبي موقفا بشأن مقترحات المفوضية في يونيو 2025. وأضاف أن “الأميركيين يريدون رؤية قرارات واضحة من الدول الأوروبية”.

بولندا في مواجهة التهديد الروسي

وفي حرب أوكرانيا في فبراير 2022، رد مكتب الرئيس فولوديمير زيلينسكي، أندريه يرماك، على تطبيق تيليجرام، قائلاً إن القصف أظهر أن روسيا” لا تريد السلام “، مضيفًا أن ” لغة القوة هي اللغة الوحيدة التي يفهمها بوتين”. وأثرت الهجمات على غرب البلاد وأجبرت بولندا على إيقاف رحلات الطيران لضمان أمنها الجوي. كما هو الحال مع الدول المجاورة الأخرى، تشعر بولندا بالقلق إزاء التهديدات المحتملة من روسيا. أصبح السكان على دراية بالمخاطر، كما يتزايد التدريب العسكري للمدنيين. وأعلن رئيس بلدية وارسو، رافال ترزاسكوفسكي، عن مشاركته في جلسة التدريب من خلال نشر صورة للشهادة الصادرة عن وزارة الدفاع.

وكتب عمدة العاصمة البولندية على الشبكة الاجتماعية: “إنها طريقة رائعة لتجديد ذاكرتك أو اكتساب مهارات قيمة”، مضيفًا: ” كلما كنا مستعدين بشكل أفضل، كلما كان مجتمعنا أكثر مرونة في مواجهة أي أزمة “. كما هو الحال مع جيرانها في منطقة البلطيق، تشعر بولندا بالتهديد من جانب روسيا . وتتزايد قوة جيشها: إذ تخطط الحكومة لتخصيص 4.7% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع بحلول عام 2025. كما تعمل الحكومة على زيادة برامج التعليم العسكري الأساسي لمواطنيها، من يوم تدريبي واحد إلى شهر من التدريب المدفوع الأجر.

في مارس 2025، طرح رئيس الوزراء دونالد توسك فكرة برنامج جديد لضمان تدريب كل شخص بالغ في بولندا ” في حالة الحرب ” وأن يكون لدى البلاد قوة احتياطية عسكرية ” مُجهزة لمواجهة التهديدات المحتملة “. والهدف هو تدريب 100 ألف متطوع سنويًا بحلول عام 2027.

رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=102943