خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
توصل تقرير رئيسي إلى أن التعددية القطبية في النظام الدولي تشكل تحديا لرؤية للاتحاد الأوروبي، حيث من المرجح أن يؤدي عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض إلى تسريع هذا الاتجاه. ويحذر تقرير ميونيخ للأمن 2025 من أن الاتحاد الأوروبي يواجه “عاصفة مثالية” من الأزمات التي تهدد نماذجه الأمنية والاقتصادية والأيديولوجية، وهو ما لن يتمكن من تجاوزه إلا إذا عزز الإنفاق الدفاعي والعلاقات التجارية مع مناطق أخرى.
وذكر التقرير السنوي، الذي صدر قبل اجتماع زعماء العالم والوزراء والمسؤولين التنفيذيين للدفاع في مؤتمر ميونيخ للأمن، أن التأثيرات السلبية لتعدد الأقطاب في النظام الدولي تبدو سائدة وتشكل تحديا خاصا لرؤية الاتحاد الأوروبي للعالم. وعلى الجانب الدفاعي، يشير التقرير إلى أن “حرب روسيا ضد أوكرانيا دمرت البنية الأمنية التعاونية في أوروبا” وأن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض “تؤدي إلى تفاقم الأزمة”.
لقد دفعت حرب أوكرانيا في فبراير 2022 دول الاتحاد الأوروبي إلى إنفاق المزيد على دفاعها، حيث تمكنت معظم الدول الأعضاء التي هي جزء من حلف شمال الأطلسي والتي كانت تفشل في تحقيق هدف الإنفاق الدفاعي للتحالف العسكري المتمثل في 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي، من تحقيق هذا الهدف الآن.
ولكن هذه الزيادات تظل غير كافية، نظرا لاحتياجات أوكرانيا والتحذيرات من أن روسيا قد توسع جهودها الحربية إلى أراضي حلف شمال الأطلسي في غضون خمس إلى ثماني سنوات، كما يقول التقرير، مشيرا أيضا إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة كانت حازمة في رسالتها لحمل التكتل على تحمل مسؤولية أكبر عن أمنه. على سبيل المثال، دعا ترامب إلى رفع هدف إنفاق حلف شمال الأطلسي إلى 5%، وهي العتبة التي لا يلبيها أي حليف. كما قال إنه سيشجع روسيا على “فعل ما يحلو لها” تجاه الحلفاء الذين لا يدفعون ما يكفي.
ويشير التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يجد السبل لتعزيز الإنفاق بشكل أكبر على الرغم من القيود المالية، والتغلب على تجزئة قاعدته الصناعية الدفاعية، وتعميق التعاون مع دول ثالثة، وخاصة النرويج والمملكة المتحدة. ويواجه زعماء الكتلة المكونة من 27 دولة قضية كيفية تعزيز الإنفاق والإنتاج مع وجود خيارات متعددة على الطاولة في حين تشير التقديرات إلى أن الفجوة المالية التي يتعين سدها تصل إلى 500 مليار يورو على مدى العقد المقبل.
وتشمل هذه التدابير توسيع نطاق تفويض بنك الاستثمار الأوروبي وتخفيف القواعد البيئية والاجتماعية والحوكمة للبنوك الأوروبية الخاصة حتى تتمكن من الاستثمار في المزيد من المشاريع الدفاعية، فضلاً عن إصدار ما يسمى بسندات اليورو لجمع الأموال. كما كلف القادة المفوضية الأوروبية في اجتماع غير رسمي في وقت سابق من هذا الشهر بالنظر في ثني القواعد المالية للكتلة لاستبعاد الإنفاق الدفاعي من نفقاتها الوطنية.
ومن المقرر أن يصدر في 19 مارس كتاب أبيض بشأن الدفاع يوضح القدرات العسكرية التي يحتاجها الاتحاد والخيارات المختلفة لتمويلها. ويقول التقرير إن الواقع الجيوسياسي الجديد يعمل أيضا على إضعاف النموذج الاقتصادي التقليدي للاتحاد الأوروبي، ومن المرجح أن يؤدي فوز ترامب الانتخابي إلى تسريع هذا الاتجاه. هدد الرئيس الأمريكي بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي، وأعلن يوم الأحد أنه سيفرض رسوما جمركية بنسبة 25% على أي واردات من الفولاذ والألمنيوم إلى الولايات المتحدة، وهو ما قد يؤثر على الاتحاد أيضا.
وذكر التقرير أن الرسوم الجمركية الأميركية على الصين من شأنها أن يكون لها عواقب سلبية بعيدة المدى على الاتحاد الأوروبي، لأنها قد تدفع بكين إلى تكثيف “الممارسات المشوهة للسوق المتمثلة في إغراق السوق الأوروبية بصادرات رخيصة ومدعومة بشدة”. وعلاوة على ذلك، فإن نهج “العين بالعين” الذي تفضله واشنطن وبكين وموسكو يؤدي إلى انهيار المنظمات الدولية، بما في ذلك منظمة التجارة العالمية، حسب التقرير.
وبحسب المؤلفين، يتعين على الاتحاد الأوروبي تنويع علاقاته التجارية وإقامة شراكات جديدة مع بلدان ما يسمى بالجنوب العالمي وربما قبول “تنازلات” لإبرام هذه الصفقات، وهو إنجاز يبدو صعبا في ضوء التوتر الحالي بشأن اتفاق ميركوسور. لكن الكتلة تواجه رياحاً أيديولوجية داخلية معاكسة، تفاقمت بسبب التدخل الخارجي.
لقد أصبح اليمين المتطرف الآن في السلطة في سبع دول أعضاء ولديه وفد كبير في البرلمان الأوروبي، وهو ما يشكل تحديًا للنموذج الديمقراطي الليبرالي الذي تبناه الاتحاد منذ إنشائه. ولم تسلم الدولتان العضوان الأكبر حجمًا – فرنسا وألمانيا – من هذا التحدي حيث يتمتع حزبا التجمع الوطني والبديل من أجل ألمانيا بقدر كبير من القوة في الخطاب العام والسياسي. ويشير التقرير إلى أن هذا الانقسام الأيديولوجي من شأنه أن يعيق وحدة الاتحاد الأوروبي وصنع القرار في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخه.
وبشكل عام، من بين دول مجموعة السبع، تعتقد الولايات المتحدة فقط أنها ستكون أكثر أمنا وثراء في غضون عشر سنوات، في حين ارتفعت المخاطر التي تشكلها الولايات المتحدة بشكل حاد بعد انتخاب ترامب، وخاصة في ألمانيا وكندا. من المقرر أن يشارك العديد من مسؤولي الاتحاد الأوروبي في مؤتمر ميونيخ للأمن الذي يعقد في الفترة من 14 إلى 16 فبراير 2025، بما في ذلك رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، ومفوض الدفاع أندريوس كوبيليوس، والدبلوماسية البارزة كايا كالاس.
ومن المتوقع أن يشارك في الاجتماع أيضا نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، ومبعوث واشنطن إلى أوكرانيا وروسيا كيث كيلوج، بالإضافة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=100779