خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI ـ وحدة الدراسات والتقارير “1”
أمن أوروبا ـ تعزيز القدرات الدفاعية
أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين في الرابع من مارس 2025، عن خطة شاملة لتعزيز القدرات الدفاعية للاتحاد الأوروبي تحت مسمى “إعادة تسليح أوروبا، تهدف هذه الخطة إلى حشد ما يقرب من 800 مليار يورو لتعزيز الإنفاق الدفاعي للدول الأعضاء.
ستُمكّن هذه الخطوة الدول الأعضاء من زيادة إنفاقها الدفاعي دون التعرض لإجراءات العجز المفرط، مما يوفر مساحة مالية تقدر بحوالي 650 مليار يورو على مدى أربع سنوات. وسيكون هناك صندوق قروض بقيمة 150 مليار يورو، يهدف إلى دعم الاستثمارات الدفاعية المشتركة بين الدول الأعضاء، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي، والمدفعية، والطائرات بدون طيار، والدفاع السيبراني. تُخطط الخطة لزيادة الإنفاق الدفاعي بمقدار 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء على مدى أربع سنوات، مما يعني أن التنفيذ الكامل للخطة قد يستغرق حتى عام 2029.
مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الثالث من مارس 2025 عن وقف المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا، برزت مخاوف بشأن التزام الولايات المتحدة بأمن أوروبا. ردًا على ذلك، تسعى خطة “إعادة تسليح أوروبا” إلى تعزيز القدرات الدفاعية الذاتية للاتحاد الأوروبي وتقليل اعتماده على الدعم الأمريكي.
ما احتمالية نشوب حرب بين أوروبا وروسيا؟
حاليًا، لا توجد مؤشرات مباشرة على اندلاع حرب شاملة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا. ومع ذلك، فإن التوترات المستمرة في أوكرانيا وتجميد المساعدات الأمريكية قد تزيد من حدة الوضع. تٌشير بعض التقارير إلى أن الاتحاد الأوروبي قد لا يتخذ إجراءات حازمة إلا إذا تعرضت مصالحه الحيوية، خاصة في دول مثل فرنسا أو ألمانيا، لتهديد مباشر.
في أعقاب قرار الولايات المتحدة بوقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا، أعلن الاتحاد الأوروبي عن خطط لتعزيز دعمه العسكري لكييف. تتضمن هذه الخطط حزمة مساعدات عسكرية تزيد قيمتها عن 20 مليار دولار، بهدف سد الفجوة التي خلفها الانسحاب الأمريكي. بدون شك، تُظهر هذه التطورات التزام الاتحاد الأوروبي بتعزيز قدراته الدفاعية وضمان أمنه الذاتي في ظل التحديات الجيوسياسية المتغيرة.
هل الانفاق العسكري سوف ينعكس على رفاهية المواطن الأوروبي؟
بالتأكيد، إن زيادة الإنفاق العسكري في أوروبا قد تؤثر على رفاهية المواطن الأوروبي، ولكن التأثير يعتمد على كيفية تمويل هذه الاستثمارات الدفاعية والتوازن بين الأولويات الاقتصادية والاجتماعية.
انعكاسات زيادة الانفاق العسكري:
تقليص الميزانيات الاجتماعية: إذا تم تمويل خطة التسلح عن طريق خفض الإنفاق على الرعاية الصحية، والتعليم، والبنية التحتية، فقد يتأثر مستوى الرفاهية بشكل مباشر.
زيادة الضرائب: في حال قررت الحكومات تمويل الدفاع من خلال زيادة الضرائب، فقد يواجه المواطنون ارتفاعًا في تكاليف المعيشة.
تنشيط بعض القطاعات الاقتصادية: الاستثمار الضخم في الصناعات العسكرية يمكن أن يخلق وظائف جديدة ويعزز قطاع التكنولوجيا والصناعات الدفاعية.
ضغط على التضخم: زيادة الإنفاق العسكري يمكن أن ترفع معدلات التضخم، مما يؤثر على القوة الشرائية للمواطنين.
مخاوف أمنية واستقرار اجتماعي: التركيز على التسلح قد يزيد من القلق بين المواطنين بشأن احتمالية حدوث صراعات عسكرية في المستقبل، مما قد يؤثر على مستوى الاستقرار الاجتماعي.
إذا نجح الاتحاد الأوروبي في تحقيق توازن بين تعزيز القدرات الدفاعية والحفاظ على النمو الاقتصادي والإنفاق الاجتماعي، فقد لا يشعر المواطن العادي بتأثير سلبي كبير. أما إذا أدى هذا الإنفاق إلى سياسات تقشفية أو ارتفاع كبير في الضرائب والتضخم، فقد يتأثر مستوى رفاهية المواطنين بشكل واضح. في النهاية، سيعتمد التأثير على كيفية تنفيذ الخطة وما إذا كان سيتم تخصيص ميزانيات إضافية أم سيتم إعادة توجيه الموارد من القطاعات الأخرى.
هل تستمر أوروبا بدعمها العسكري لأوكرانيا، بعد مفاوضات ترامب وبوتن والتي سوف تقضي الى وقف الحرب؟
في ظل التطورات الأخيرة المتعلقة بمفاوضات السلام بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي تهدف إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، يثار تساؤل حول استمرار الدعم العسكري الأوروبي لأوكرانيا بعد تحقيق السلام.
إن استمرار الدعم حتى تحقيق سلام مستدام: أعربت دول الاتحاد الأوروبي عن التزامها المستمر بدعم أوكرانيا عسكريًا حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام مستدام يحفظ سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها. يأتي هذا الموقف في ظل تعليق الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية لأوكرانيا، مما دفع الدول الأوروبية إلى تعزيز دعمها لتعويض هذا النقص. وفي مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن خطة لتعزيز القدرات الدفاعية للاتحاد الأوروبي، بهدف تقليل الاعتماد على الدعم الأمريكي وضمان استقرار المنطقة.
تأثير مفاوضات السلام على الدعم العسكري:
سيعتمد استمرار الدعم العسكري الأوروبي لأوكرانيا بعد مفاوضات السلام على نتائج هذه المفاوضات ومدى التزام روسيا بتنفيذ بنود الاتفاق. إذا تحقق سلام دائم يحترم سيادة أوكرانيا، فقد يتم تقليص الدعم العسكري تدريجيًا والتركيز على دعم إعادة الإعمار والتنمية. قد تسعى الدول الأوروبية إلى الحصول على ضمانات أمنية ملموسة قبل تعديل مستوى دعمها العسكري، لضمان عدم تكرار العدوان على أوكرانيا أو دول أخرى في المنطقة. حتى يتم التوصل إلى اتفاق سلام شامل ومستدام بين أوكرانيا وروسيا، من المتوقع أن يستمر الاتحاد الأوروبي في دعمه العسكري لأوكرانيا. بعد تحقيق السلام، سيتم تقييم الوضع الأمني والسياسي لتحديد مستوى الدعم المستقبلي، مع التركيز المحتمل على دعم جهود إعادة الإعمار والتنمية.
هل ممكن ان يكون تقارب أوروبي مع موسكو ؟
بعد مفاوضات السلام بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي أدت إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، يُتوقع أن تسعى الدول الأوروبية، وخاصة ألمانيا وفرنسا، إلى إعادة تقييم علاقاتها مع موسكو. يُشير بعض المحللين إلى أن هذا التقارب قد يكون مدفوعًا برغبة في تعزيز الاستقرار الإقليمي وتأمين المصالح الاقتصادية.
العوامل المؤثرة في التقارب المحتمل:
المصالح الاقتصادية:
إمدادات الطاقة، قد تسعى ألمانيا إلى استئناف مشاريع الطاقة المشتركة مع روسيا، مثل مشروع “نورد ستريم 2″، لتأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي. ويشعر بعض القادة الأوروبيين بالقلق من تهميشهم في المفاوضات بين واشنطن وموسكو، مما قد يدفعهم إلى تعزيز العلاقات المباشرة مع روسيا لضمان مصالحهم. تبنت كل من ألمانيا وفرنسا سابقًا مواقف داعمة للحوار مع روسيا، مع وضع سقف للعقوبات، مما يشير إلى إمكانية استئناف هذه السياسات بعد انتهاء الصراع.
لكن رغم ذلك قد تواجه الدول الأوروبية تحديات في تحقيق توازن بين تعزيز العلاقات مع روسيا وضمان أمن دول أوروبا الشرقية التي قد تبدي تحفظات على هذا التقارب. قد تواجه الحكومات الأوروبية معارضة داخلية من بعض الأحزاب السياسية أو الرأي العام الذي قد يكون متحفظًا تجاه تعزيز العلاقات مع موسكو.
لذا يمكن القول بأنه من المحتمل أن تسعى ألمانيا وفرنسا إلى تعزيز علاقاتهما مع روسيا بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا، مستندة إلى المصالح الاقتصادية والرغبة في تحقيق الاستقرار الإقليمي. ومع ذلك، سيعتمد مدى هذا التقارب على كيفية معالجة التحديات الأمنية والسياسية لضمان تحقيق توازن يخدم مصالح جميع الأطراف المعنية.