الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

آخر المشاركات التلفزيونية

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...

أمن أوروبا ـ الاتحاد الأوروبي واستراتيجية التسلح الجماعي

يونيو 15, 2024

بون ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ـ وحدة الدراسات (26)

غيرت التوترات الجيوسياسية العالمية وفي مقدمتها الحرب الأوكرانية أولويات الاتحاد الأوروبي في سياساته واتجاهات إنفاقه، وأصبحت مسألة تعزيز الدفاع الجماعي في صدارة مناقشات المؤسسات الأوروبية، وبظهور احتمال تغيير الولايات المتحدة استراتيجيتها تجاه دعم حلف الناتو عسكرياً في أعقاب الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر 2024، انصب الاهتمام الأوروبي على تشكيل سياسة دفاع موحدة، خاصة وأن الثلاثة عقود الماضية أدت إلى تراجع ميزانيات الدفاع وتقليص حجم الصناعة العسكرية، ما يجعل التحرك نحو رؤية مشتركة بشأن رفع التسلح وتحديث كفاءة الجيوش تحدياً كبيراً أمام التكتل الأوروبي.

استراتيجية التسلح الجماعي

لم تعتد دول الاتحاد الأوروبي على التعاون العسكري، بينما أجبرتها التوترات العالمية الأخيرة على مراجعة هذه السياسات، وفي 28 فبراير 2024 دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى استراتيجية جديدة لصناعة الدفاع للرد على التحديات الأمنية المتعلقة بشراء الأسلحة والذخيرة في أوروبا، وترتكز الاستراتيجية الأوروبية على زيادة الإنفاق الدفاعي، وطرح مقترح بدء محادثات حول استخدام الأرباح غير المتوقعة من الأصول الروسية المجمدة لشراء معدات عسكرية مشتركة لأوكرانيا. وضعت المفوضية الأوروبية في 5 مارس 2024، هدفاً رئيسياً يتعلق بشراء ما لا يقل عن (40%) من المعدات العسكرية بشكل مشترك بحلول عام 2030، مع تخصيص (1.5) مليار يورو للفترة من 2025 إلى 2027 لجعل الصناعة الأوروبية أكثر قدرة على التكيف.

ينظر الاتحاد إلى الاستراتيجية الجديدة باعتبارها حائط صد لمواجهة تباين المواقف في المجال العسكري، وأكدت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية مارغريت فيستاغر، أنه يجب ألا تكون هناك منافسة بين شركات تصدير الأسلحة، وأن تزود الدول جيوشها بأسلحة تتوافق مع الصناعات الدفاعية لباقي دول الاتحاد. لذا يصبح الشراء المشترك للأسلحة القاعدة في المستقبل، وسيتم تأسيس هيئة جديدة تتكون من المفوضية وممثل الشؤون الخارجية ورئيس وكالة الدفاع الأوروبية والدول الأعضاء، لتحديد احتياجات الدول عند شراء الأسلحة والتنسيق بينها. ومن المتوقع أن يتم إنفاق ما لا يقل عن (50%) من أموال الدول الأعضاء المخصصة للمعدات الدفاعية داخل التكتل بحلول 2030، وأن تصل النسبة إلى (60%) بحلول 2035.

تحذيرات أوروبية بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي

يبدو أن المخاوف من التهديدات الأمنية المحتملة، دفعت ألمانيا وفرنسا لرفع شعار “الإصلاحات أولاً”، وفي 25 أبريل حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من خطر التراجع في مواجهة منافسة القوى الكبرى وأن تصبح أوروبا مهددة بـ “الموت”، داعياً إلى حشد قوة دافعة جديدة للمشروع الأوروبي بحلول 2030. وأتفق المستشار الألماني أولاف شولتس مع رؤية ماكرون في 28 مايو 2024، مؤيداً للمقترح الفرنسي بشأن جعل أوروبا قوية بتعزيز صناعة أسلحة مشتركة وتسريع إعادة التسليح بتمويل من الاتحاد الأوروبي.

رحب الأمين العام لاتحاد الصناعات الجوية والأمنية والدفاعية في أوروبا جان باي، باستراتيجية الدفاع الأوروبية، مؤكداً أن نجاحها يستند إلى إرادة الدول الأعضاء والاستعداد للتوافق على معايير مشتركة للتخطيط العسكري بشكل جماعي. واتجهت توقعات كبير الباحثين في معهد كلينغينديل الهولندي للعلاقات الدولية ديك زاندي، ومديرة قسم شمال أوروبا بمركز المجلس الأطلسي للأبحاث آنا فيزلاندر، إلى أن الوضع الأمني الراهن يجبر الدول الأعضاء على تقليص النفقات الحكومية مقابل تعزيز الصناعات الدفاعية. ودعا رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل ورئيس وزراء إستونيا كاجا كالاس، الاتحاد إلى ضخ تمويل جديد من الاستثمار الدفاعي باستخدام أدوات الدين المجمعة بدلاً من اللجوء للميزانيات الوطنية.الاتحاد الأوروبي ـ ما حقيقة تعرض التكتل الأوروبي لخطر الانهيار الداخلي؟(ملف)

خطط الأحزاب والمؤسسات الأوروبية

حرص الاتحاد على احتواء وثيقة البرنامج الانتخابي 2024، على رؤية مستقبلية للقوة الدفاعية للتكتل، باعتماد سياسة خارجية وأمنية مشتركة، تستهدف تقوية الجبهة الأوروبية في مواجهة أي تحديات، عبر تأسيس قوة عسكرية مشتركة مسلحة مدمجة في إطار الناتو، وشددت الوثيقة على أن الأمر يتطلب العمل الجماعي تمهيداً لإنشاء إطار اتحاد أمني وعسكري معزز داخل هيكل الاتحاد، منوهة إلى احتمالية التعاون مع المملكة المتحدة، كونها قوة عسكرية أوروبية متقدمة في هذا المجال.

ركز خطاب الأحزاب الأوروبية على أهمية التعاون الأمني في الاتحاد، وأشار حزبا الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، إلى ضرورة تطوير المعدات العسكرية كالدبابات المقاتلة والطائرات بدون طيار وحاملات الطائرات، بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين برصد ميزانية طويلة الأمد، متفقين على جعل أوروبا أكثر استقلالية في الدفاع دون المساس بالشراكة عبر الأطلسي.

طموحات أوروبية لتعزيز الدفاع

قبل إطلاق الاستراتيجية بشكل رسمي، أبدى رئيس وزراء بلجيكا ألكسندر دي كرو في 21 فبراير 2024، تخوفه من تداعيات هذه الاستراتيجية على ميزانيات الدول، وتضارب الأدوار بين الاتحاد وحلف الناتو حول تنسيق الإنفاق الدفاعي وتشجيع التعاون بين الحلفاء لزيادة قابلية التشغيل البيني للأسلحة والكفاءة. ظهرت تساؤلات داخل التكتل حول دور “مفوض الدفاع” الذي طرحته المفوضية الأوروبية، وقال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد جوزيب بوريل، إن “وكالة الدفاع موجودة بالفعل، ولا يجب الانتظار لعام لإنشاء هيكل جديد”، وطالب متحدث باسم الحكومة الألمانية، بالنظر إلى الغرض من دور المفوض أولاً”.

وضوح الرؤية بشأن الاستراتيجية الجديدة شجع باقي الدول للإعلان عن خطتها حول الإنفاق الدفاعي، وفي 23 مارس 2024 أعلنت الدنمارك أنها ستزيد الإنفاق على التسلح بمقدار (5.9) مليار دولار على مدار الـ (5) سنوات المقبلة، مشددة على أن الخطوة تهدف لتجنب الحرب في ضوء التحديات الحالية. وتعهدت الدنمارك في 2023 باستثمار (155) مليار كرونة دنماركية في الدفاع.

لحقت صربيا بهذا التوجه، بتوقيع صفقة لشراء (12) طائرة مقاتلة فرنسية متعددة الأغراض من طراز رافال بقيمة (3.2) مليار دولار في 9 أبريل 2024، لتعزيز التعاون مع فرنسا بهدف تقوية موقفها بشأن الانضمام للتكتل الأوروبي، والتخلي عن موردها التقليدي للأسلحة روسيا. الأمر الذي دفع فرنسا لزيادة الإنتاج العسكري بقيمة (20) مليار يورو في 2024، لتجديد مخازن الذخيرة والسلاح ودعم أوكرانيا. انضمت بولندا إلى نفس السياسية بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى (4%) من الناتج المحلي الإجمالي. وأعلنت النرويج التزامها ببرنامج لبناء السفن الحربية بهدف مضاعفة الإنفاق العسكري بقيمة (51) مليار يورو بحلول 2036.أمن دولي – الناتو وأوروبا.. سياسية دفاعية جديدة

تحديات تعزيز القوة العسكرية

تواجه زيادة الإنتاج العسكري لدول الاتحاد وتطبيق الاستراتيجية المشتركة عدة تحديات من بينها، القدرة الصناعية الأوروبية لإنتاج أسلحة واستخدام أدوات وأنظمة وبرمجيات متطورة، في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعيشها أغلب دول التكتل، ما يجعل الصناعة الدفاعية ليست من الأولويات في ظل نقص الاستثمارات الجادة في هذا المجال،  بجانب طول المدة الزمنية لتسليم المصانع هذه الأسلحة، نظراً لمشكلات في سلاسل التوريد ونقص الموردين المتخصصين، ونقص المواد الخام المستخدمة لإنتاج المعدات العسكرية ما يتطلب نحو (3) سنوات لتسليم هذه الأنظمة المعقدة، والاستهلاك المتزايد لأوكرانيا في حربها الراهنة من الذخيرة والأسلحة، حيث أشارت تقارير إلى إطلاق روسيا وأوكرانيا معاً نحو (200) ألف قذيفة مدفعية أسبوعياً، ما يجعل أوروبا في سباق مع الزمن لتعويض المخزون الذي تم استنزافه خلال نحو عامين ونصف.

تشكيك بعض الدول والشركات المتخصصة في صناعة الأسلحة، بشأن إمكانية تنفيذ الاستراتيجية، قد يهدد مستقبل هذه الخطة، معتبرين الخطوة مخاطرة بالهيكل التنظيمي للاتحاد وميزانيات الدول، وقال الرئيس التنفيذي لشركة راينميتال الألمانية لصناعة الأسلحة أرمين بابرجر، إنه متشكك في قدرة بروكسل على إضافة قيمة كبيرة إلى مساعي إعادة التسلح نظراً لبطء اتخاذ القرار، في أعقاب موافقة الدول الأعضاء على المساهمة بنسبة (1.5) مليار يورو لصندوق الدفاع جزئياً، عبر خفض الإنفاق على الصحة والبحث العلمي.الاتحاد الأوروبي ـ تعزيز استراتيجيات الدفاع ودور أكبر في النزاعات الدولية(ملف)

تقييم وقراءة مستقبلية

– العقيدة العسكرية التي تبنتها أغلب دول أوروبا وفي مقدمتها ألمانيا بعد الحرب الباردة، جعلتها تنصرف تماماً عن مسألة تحديث جيوشها وضخ أموال في الصناعات الدفاعية، وهو الأمر الذي انعكس بالطبع على عقيدة المؤسسات الأوروبية، وبات الإنفاق العسكري في آخر اهتمامات التكتل الأوروبي، حتى أن مطلب الناتو المتعلق بزيادة الإنفاق العسكري داخل الحلف لم تلتزم به معظم دول الاتحاد الأعضاء في الحلف قبل عام 2022، وتفسر هذه المعطيات صعوبة تغيير هذه المفاهيم لدى بعض الحكومات الأوروبية، خاصة وأنه يتطلب إعادة ترتيب أولويات ميزانيات الدول في توقيت تعاني فيه بعض القطاعات من اضطرابات لنقص الأجور بشكل لا يتناسب مع تدهور الأوضاع المعيشية جراء الحرب الأوكرانية.

– خطوات الاتحاد الحالية حول سياسة الإنفاق العسكري الجماعي، تمثل مرحلة تحول في سياساته وتاريخه، ليس كونها تتعلق بالجزء الأمني فقط، بل أيضاً تتعلق بمحاولة استعادة وحدة وقوة البيت الأوروبي من جديد بعد أزمات عدة كادت تعصف به، وانقسامات في الرؤى حول إدارة العلاقة مع الناتو والولايات المتحدة، وطبيعة الدعم المقدم لأوكرانيا وتداعياته حول احتمالية الانخراط بشكل مباشر في الصراع الروسي الأوكراني، ما يترجم في شكل تباين درجة الاستجابة من الدول الأعضاء على استراتيجية الدفاع الجماعي، لاقتناع بعض الدول بأهمية بقاء مسألة الدفاع ضمن اختصاصات الناتو، وامتعاض البعض الآخر من الكلفة الاقتصادية لإنتاج الأسلحة المشترك.

– احتدام التصريحات بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي حول الحرب في أوكرانيا، ونتيجة الانتخابات الأوروبية التي سجلت تقدماً كبيراً لليمين الشعبوي، سيدفع إلى تسريع خطوات التسلح الجماعي للاتحاد وضخ الأموال المطلوبة لإعادة تشغيل مصانع إنتاج الأسلحة والذخيرة، خاصة وأن التهديدات الأمنية باتت محل نقاش أساسي في أروقة المؤسسات الأوروبية.

– العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ربما تأخذ منحى جديد، فالاتحاد ينظر إليها بالحليف القوي داخل القارة الذي يمتلك قدرات عسكرية تفتقدها بعض دول التكتل، رغم أن الجيش البريطاني أصبح يعاني من نقص الذخيرة والجنود، ويعتمد أيضاً الاتحاد على بريطانيا لعلاقاتها القوية بالولايات المتحدة وكونها عضواً مهماً داخل حلف الناتو، ما يرجح أن تشهد العلاقات بين الاتحاد وبريطانيا اتفاقيات جديدة بشأن التسلح والصناعات العسكرية.

– يضع التكتل الأوروبي في الحسبان، تداعيات الانتخابات الأمريكية المقررة في نوفمبر 2024، ومستقبل الناتو في حال فوز المرشح الرئاسي دونالد ترامب، وتنفيذه تهديد التخلي عن دول أوروبا في حالة مهاجمة روسيا لها، أو طرحه احتمالية انسحاب الولايات المتحدة من الحلف، ما يضع أوروبا محاصرة في حجر الزاوية ويجعلها مكتوفة الأيدي، في دعم أوكرانيا من جانب والدفاع عن نفسها من جانب آخر، وهذه النقطة ربما تعتمد عليها المؤسسات الأوروبية للترويج لمفهوم الدفاعي الجماعي.

–  رغم الاستراتيجية الأوروبية الخاصة بتشجيع التسلح الجماعي، إلا أن فكرة تأسيس جيش أوروبي موازي يصعب تنفيذها، خاصة وأن أغلب الجيوش الأوروبية بحاجة إلى إعادة هيكلة وتحديث من حيث العدد والعتاد، لذا تسعى الاستراتيجية إلى تعويض المشكلات التي تعاني منها الجيوش في أوروبا، بالتعاون في إنتاج الأسلحة والذخيرة والتنسيق في شرائها.

رابط مختصر..https://www.europarabct.com/?p=94603

*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات

الهوامش

‘Europe is mortal,’ Macron warns as he calls for more EU unity and sovereignty in landmark speech

https://bit.ly/44g5A7h

Has the time come for European defence?

https://bit.ly/3wX8z8x

-The Guns of Europe: Defence-industrial Challenges in a Time of War

https://bit.ly/4c8FHsx

Europe’s defence industrial strategy: beyond the rhetoric

https://bit.ly/3RhfFLQ

 

 

الإشتراك في نشرتنا الإخبارية المجانية

 

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك

استطلاع رأي

هل المركز مصدر موثوق في البحث؟

جاري التحميل ... جاري التحميل ...