خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI.
من المقرر أن يصبح الجيش الألماني أكثر فاعلية في الدفاع الجوي بحلول نهاية العقد الحالي. وجاء ذلك في وثيقة وقّعها المفتش العام، كارستن بروير، في 19 مايو 2025. وفي التوجيه، أشار بروير إلى: “أن تعزيز الحماية ضد التهديدات الجوية يشكّل أولوية قصوى. كما يأتي على رأس القائمة الدفاع الصاروخي المتكامل، والدفاع الجوي القصير والمتوسط المدى”. وبحسب الوثيقة، فإن الأمر يتعلّق بشكل خاص بالدفاع ضد الطائرات بدون طيار وأسراب الطائرات بدون طيار المُقتربة.أعلن بروير عن: “تطوير القدرة على توجيه ضربات دقيقة ضد أهداف في عمق أراضي العدو”. يشير هذا إلى أنظمة الأسلحة التي يزيد مداها عن 500 كيلومتر أي أبعد من صواريخ كروز “توروس” الموجودة بالفعل في الأسطول، والتي تخضع للتحديث.
المزيد من الذخيرة والطائرات المقاتلة بدون طيار
وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للجيش الألماني شراء وتخزين المزيد من الذخيرة. ومن المقرّر شراء طائرات مقاتلة بدون طيار. ومن المقرّر أن تركز القوة بشكل أكبر على الدفاع عن التحالف على سبيل المثال، من خلال المدفعية بعيدة المدى، وتوسيع القدرات الهندسية، وتحسين الاستدامة اللوجستية.
أعلن وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس (الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD): “أن الجيش الألماني يجب أن يكون جاهزًا للحرب بحلول عام 2029”. ومن هذه النقطة فصاعدًا، يرى خبراء حلف شمال الأطلسي أن شنّ هجوم روسي على أراضي التحالف أمر محتمل. ومع ذلك، يعتقد نوربرت روتجن، نائب زعيم الكتلة البرلمانية لـ(حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي CDU/CSU): “أن مثل هذا الهجوم ممكن حتى قبل ذلك. وقد يستغل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، حقيقة أن الأوروبيين لم يحققوا أهدافهم العسكرية بعد”.
تتناول الوثيقة توجهات الجيش الألماني لتعزيز قدراته الدفاعية، خاصة في مجال الدفاع الجوي، في ظل تصاعد التهديدات الأمنية في أوروبا، وتحديدًا مع استمرار حرب أوكرانيا منذ 24 فبراير 2025.
يشير توقيع المفتش العام للجيش الألماني على وثيقة في مايو 2025 إلى تحول استراتيجي كبير في العقيدة الدفاعية الألمانية، يتمثل في الاستعداد الفعلي لمواجهة سيناريوهات عدائية محتملة من روسيا خلال السنوات المقبلة.
يشير التركيز على الدفاع الجوي والصاروخي والطائرات بدون طيار إلى أن برلين لم تعد ترى نفسها بمنأى عن الصراع العسكري التقليدي، بل تستعد لاحتمال اندلاع حرب شاملة داخل أوروبا. ويعد تطوير القدرة على توجيه ضربات بعيدة المدى (أكثر من 500 كلم) يعكس رغبة ألمانيا في الانتقال من نموذج دفاعي بحت إلى نموذج ردع وهجوم استباقي.
يُفهم من تصريحات النخبة السياسية والعسكرية أن ألمانيا وحلف الناتو يقدّران وجود نافذة زمنية محدودة للاستعداد لأي هجوم روسي محتمل، وهو ما يدفع إلى تسريع وتيرة التسلح والتخطيط الاستراتيجي. و ستواصل ألمانيا تكثيف مشترياتها الدفاعية، خاصة في مجال الذخيرة والطائرات بدون طيار، وسيتم وضع أسس للبنية التحتية العسكرية الداعمة لوجستيًا وتحركًا.
وعلى المدى المتوسط (2026–2029) من المتوقع تحقيق قفزة نوعية في الجاهزية القتالية، مما يساهم في تحول ألمانيا إلى قوة عسكرية محورية ضمن الناتو، قادرة على تنفيذ عمليات ردع فعّالة ومرنة ضد التهديدات الروسية أو غيرها.
وعلى المدى الطويل (بعد 2029) قد تشهد أوروبا إعادة تعريف للردع الجماعي، تصبح فيه ألمانيا أحد أعمدته الرئيسة، ما يؤدي إلى صياغة استراتيجية أمنية أوروبية مستقلة نسبيًا عن الاعتماد الأمريكي التقليدي.
يمثل التقرير مؤشرًا قويًا على أن ألمانيا تتحرك بسرعة من مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، التي اتسمت بالحياد العسكري النسبي، إلى مرحلة جديدة من الحزم الاستراتيجي، مدفوعة بالتهديدات الروسية المباشرة، والانخراط الكامل في حماية بنية الأمن الأوروبي.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=104711