أمن ألمانيا القومي ـ هل تعيد ألمانيا تسليح جيشها؟

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI

يبدو أن القوات المسلحة الألمانية تعتزم تعزيز أسطولها من الدبابات والمركبات المدرعة بشكل كبير. ووفقًا لتقرير يدرس وزير الدفاع بوريس بيستوريوس طلبًا ضخمًا، يشمل تحديدًا 1000 دبابة ليوبارد 2 و2500 مركبة قتالية، وأرجعت مصادر مطلعة هذا إلى إنشاء ألوية جديدة لحلف شمال الأطلسي.

طلب حلف الناتو من ألمانيا 7 ألوية إضافية على مدى عشر سنوات. في عام 2021، تعهدت ألمانيا بتوفير عشرة ألوية وحدات تضم عادةً حوالي 5000 جندي لحلف الناتو بحلول عام 2030. ولدى ألمانيا 8 ألوية، وتقوم ببناء لواء تاسع في ليتوانيا، ومن المقرر أن يبدأ العمل بحلول عام 2027، وستُسهم الأوامر الجديدة في توسيع الألوية، وقد قرر حلف شمال الأطلسي تعزيز قواته نظرًا لتزايد التهديدات الروسية.

تدرس وزارة الدفاع الألمانية طلب 1000 دبابة ليوبارد جديدة وما يصل إلى 2500 مركبة GTK بوكسر. ستتولى شركتا راينميتال وKDNS، بالإضافة إلى شركة أرتيك، وهي مشروع مشترك بينهما، تصنيع هذه المركبات. وتفاعل سوق الأسهم، حيث ارتفعت أسهم راينميتال بنسبة 3.7% في فرانكفورت في الرابع من يوليو 2025. ومن المتوقع أن يصل إجمالي حجم الطلبات إلى 25 مليار يورو.

زيادة ميزانية الدفاع بمقدار عشرة مليارات يورو

من المتوقع صدور قرار نهائي بنهاية العام 2025. هذا يعني أن الاستثمارات لن تُدرج حتى الميزانية الفيدرالية المقبلة. مقارنةً بالسنة المالية 2024، ستزداد ميزانية الدفاع بنحو 10 مليارات يورو لتصل إلى حوالي 62.43 مليار يورو.

إذا تم تأكيد مشروع الحكومة الثاني في العملية البرلمانية اللاحقة، فسيكون لدى الجيش الألماني ما مجموعه أكثر من 86 مليار يورو تحت تصرفه لعام 2025. بالإضافة إلى حوالي 62 مليار يورو في ميزانية الدفاع، من المقرر إنفاق ما يقرب من 24 مليار يورو من الصندوق الخاص للجيش الألماني. كذلك من المقرر أن يبلغ 82.69 مليار يورو لعام 2026، و93.35 مليار يورو لعام 2027، و136.48 مليار يورو لعام 2028.

من المعروف أن الحكومة الألمانية ماضية قدمًا في عمليات شراء الأسلحة. ولضمان استعداد الجيش الألماني لمواجهة التهديد الروسي، تسعى الحكومة الألمانية إلى تسريع وتيرة شراء الأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى بشكل كبير.

يتجلى ذلك في مشروع قانون أعدته وزارتا الدفاع والاقتصاد لتبسيط إجراءات الشراء. ونقلت تقارير عن مصادر في وزارة الاقتصاد قولها في نهاية يونيو 2025 إن الأهداف الرئيسية هي “تسريع وتبسيط جميع عمليات الشراء للجيش الألماني”.

يريد المستشار الألماني فريدريش ميرز (CDU) أن يجعل الجيش الألماني “أقوى جيش في أوروبا”. وفي بيان حكومي، دعا ميرز إلى الانضباط المالي، والتعافي الاقتصادي ولعب دور قوي في أوروبا. وأكد ميرز في البرلمان الألماني في 14 مايو 2025 إن ألمانيا تواجه تحديات محلية ودولية ومالية هائلة. ومع ذلك، فهو مقتنع بأن هذه التحديات يمكن التغلب عليها “بمفردنا”.

وكان قد اتفق الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي (CDU/CSU) في اتفاق الائتلاف على تبسيط قانون التراخيص والمشتريات والعديد من المتطلبات التي تستغرق وقتا طويلا بالنسبة للجيش الألماني.

تأتي الخطوة الألمانية استجابة لمتطلبات حلف شمال الأطلسي بزيادة عدد الألوية الألمانية من 10 إلى 17 حتى عام 2030، ما يعكس التزامًا متزايدًا تجاه أمن الحلف الجماعي.

تُعد هذه الخطوة أكبر استثمار دفاعي منذ عقود، وهذا التصعيد في الإنفاق يعكس تغييرًا في النظرة الألمانية التقليدية الحذرة تجاه التسلح، في ضوء حرب أوكرانيا.

يمكن القول أن الإجراءات التشريعية لتسريع المشتريات العسكرية تشير إلى رغبة حقيقية في تجاوز البيروقراطية، وتحقيق جاهزية عسكرية أسرع. لكن تبقى هناك تحديات، أبرزها القدرات التصنيعية، والجدول الزمني للتسليم، والتوازن بين الالتزامات الدولية والضغوط الداخلية على الإنفاق العام. في المجمل، ألمانيا تتجه بثبات نحو تعزيز موقعها العسكري في أوروبا.

في ضوء هذه المؤشرات، من المرجح أن تتحول ألمانيا إلى قوة عسكرية أوروبية رئيسية بحلول نهاية العقد، ما يعيد تشكيل التوازنات داخل الناتو ويدفع نحو استقلال دفاعي أوروبي أوسع.

توسيع الألوية العسكرية، وخاصة بناء لواء جديد في ليتوانيا، يؤكد رغبة برلين في التمركز الاستراتيجي على أطراف حلف الناتو الشرقية. كما أن ارتفاع أسهم شركات التصنيع الدفاعي مثل راينميتال، يدل على أن الصناعات العسكرية الألمانية ستلعب دورًا محوريًا في الدفاع والأمن سواءا في حلف شمال الأطلسي أو على مستوى أوروبا. ما يعيد تشكيل التوازنات داخل الناتو ويدفع نحو استقلال دفاعي أوروبي أوسع.

رابط مختصر..  https://www.europarabct.com/?p=105736