خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
يُبدي ألكسندر دوبريندت وزير الداخلية الألماني قلقه بشأن الطائرات بدون طيار. حيث تُرصد طائرات بدون طيار فوق ثكنات الجيش الألماني أو مطار فرانكفورت. في مثل هذه الحالات، تُستدعى أجهزة أمنية مثل مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية لمعالجة تلك التهديدات.
وحدة خاصة للحماية الشخصية
من أهم مهام هذه الوحدة حماية رئيس الدولة الألماني فرانك فالتر شتاينماير، والحكومة الاتحادية بأكملها، برئاسة المستشار فريدريش ميرز. وتتكون معدات هذه الوحدة الخاصة من مجموعة واسعة من المعدات عالية التقنية، بما في ذلك طائراتها الخاصة المزودة بكاميرات بدون طيار وأنظمة لمواجهة أجهزة العدو.
أكد دوبريندت أثناء تفقده الترسانة برفقة نائب رئيس المكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية، سفين كورينباخ: “جميعنا نعرف صور حرب بوتين العدوانية، طائرات بدون طيار متوفرة تجاريًّا مزودة بعبوات ناسفة مثبتة بشريط لاصق”. حيث استخدمت القوات الروسية هذه الطائرات لتدمير أجزاء كبيرة من المدن الأوكرانية وقتل أعداد كبيرة. في الوقت نفسه، تدافع أوكرانيا عن نفسها باستخدام الطائرات بدون طيار.
من الطبيعي أن وزير الداخلية الألماني قلقٌ بشأن الأمن في ألمانيا، فهذه مسؤوليته في الحكومة الاتحادية. يتساءل دوبريندت في مقر مكتب التحقيقات الاتحادي في برلين: “كيف نتعامل مع حقيقة أن شيئًا كهذا قد يُشكل تهديدًا في أي وقت وفي أي موقف؟”. مضيفا: “ببساطة، يُمكن لأي شخص حمل إحدى هذه الأشياء في حقيبة ظهره.”
يقول وزير الداخلية الألماني: “الجميع يعلم هذا، أنت في فعالية خارجية وفجأة ترى طائرات بدون طيار تُقلع”. وتابع: “في معظم الحالات، تكون هذه طائرات من مُنظم الفعالية، لكن لا يُمكنك التأكد، وهذا يُظهر مدى سهولة أن يُصبح هذا الأمر خطرًا”.
في حال وقوع الأسوأ، يعتقد مكتب التحقيقات الفيدرالي أنه مستعد تمامًا للتهديدات. بفضل التقنيات الدفاعية، ويُمكن لجهاز رادار اكتشاف الطائرات المُسيّرة التي تُصنَّف على أنها خطرة، ثم تعطيلها بمساعدة جهاز تشويش. وإذا استمر التهديد، فسيتم نشر “جدار السماء 100”. سيطلق هذا القاذف شبكة دقيقة في السماء لإيقاع الطائرة المسيرة في الفخ، ثم إنزالها إلى الأرض باستخدام مظلة.
بدا دوبريندت مُعجبًا بشكل واضح بتلك التقنية، ووعد بدعم إضافي قائلًا: “سنواصل تعزيز هذا المجال”. وهذا يعني تخصيص المزيد من الأموال للتكنولوجيا والكوادر. وأضاف: “مهمتنا هي تطوير كفاءات يستفيد منها الآخرون “. أضاف وزير الداخلية: “مكتب الاتحادي للشرطة الجنائية (BKA) رائد في مجال الدفاع عن الطائرات المسيرة، ويشكر كل متخصص بمصافحته على عمله “المتميز”.
يتحدث دوبريندت صراحةً عن “الدفاع الشامل عن ألمانيا”، والذي يشمل الحماية العسكرية والمدنية. كما أعلن عن نيته توسيع نطاق حماية الأفراد المعرضين للخطر في الخارج، وعندما يسافر كبار السياسيين حول العالم، يكون مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالي (BKA) حاضرًا دائمًا.
أراد الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر تغيير قانون أمن الطيران
قوات الشرطة في الولايات الاتحادية مسؤولة عمومًا عن منع التهديدات الداخلية. لكنها تفتقر إلى حد كبير إلى المعدات والقدرات اللازمة لإسقاط الطائرات المسيرة المشبوهة. لذلك، سعى ائتلاف الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) وحزب الخضر، الذي كان لا يزال قائمًا في بداية عام 2025، إلى تعديل قانون أمن الطيران.
كان الهدف هو تمكين الجيش الألماني من الاستعانة به عند الضرورة، في حال عجزت الشرطة عن مواجهة تحديات الدفاع ضد الطائرات المسيرة لأسباب تقنية وبشرية. إلا أنه، نظرًا للانتخابات الفيدرالية المبكرة في 23 فبراير 2025، لم يتمكن البوندستاغ من مناقشة التعديل المُخطط له على القانون.
لم يعد اتفاق الائتلاف بين أحزاب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CDU/CSU) الحاكمة والحزب الاشتراكي الديمقراطي يذكر أي تعديل على قانون أمن الطيران. بل ينص على تعزيز سلطات الأمن الفيدرالية وسلطات الولايات بشكل أكبر. ويبدو أن مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية (BKA) لا يخشى شيئًا فيما يتعلق بالدفاع ضد الطائرات المسيرة. ويعتزم وزير الداخلية دوبريندت ضمان ذلك.
تكشف التصريحات الأخيرة لوزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت عن تحول جذري في نظرة الحكومة الألمانية إلى الطائرات بدون طيار، ليس فقط كأدوات ترفيهية أو تقنية مدنية، بل كتهديد أمني حقيقي ومتعدد الأبعاد. فالتكنولوجيا التي باتت متاحة تجاريًا بأسعار زهيدة، أصبحت قابلة للاستخدام في عمليات عدائية، كما أثبتت تجارب الحروب الحديثة، لا سيما في أوكرانيا.
هذا القلق انعكس في تعزيز قدرات وحدة الحماية الخاصة التابعة لمكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية (BKA)، والتي باتت تعتمد على تقنيات متقدمة مثل الرادارات وأجهزة التشويش وحتى منظومة “جدار السماء 100″. ومن الواضح أن التوجه المستقبلي يتضمن تعزيز التمويل والتدريب وتوسيع مجالات العمل الأمني داخل ألمانيا وخارجها، خاصة في حماية الشخصيات السياسية.
لكن في المقابل، لا تزال هناك فجوة تشريعية، حيث لم يُستكمل تعديل قانون أمن الطيران بسبب التغيرات السياسية. ويبدو أن الحكومة الجديدة تفضل تعزيز سلطات الأمن بدلاً من إدخال الجيش في هذه المهام. ورغم ذلك، فإن الجاهزية التقنية والنفسية لمواجهة التهديدات المرتبطة بالطائرات المسيرة باتت أكثر وضوحًا، في مشهد يُمهّد لما يمكن تسميته بـ”عصر الدفاع ضد الطائرات الذكية”.
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=105700