أمن ألمانيا القومي ـ ما هو مستقبل العلاقات بين برلين وواشنطن؟

خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  ـ ألمانيا وهولندا ECCI.

يتوجه المستشار الألماني فريدريش ميرز إلى واشنطن في الرابع من يونيو 2025 للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الخامس من يونيو 2025، وذلك لأول مرة منذ توليه منصبه. ومن المقرر عقد لقاء بينهما في البيت الأبيض.

من المرجح أن تكون جهود إنهاء الحرب في أوكرانيا على رأس الأولويات. وقد لعب ميرز دورا قياديا بين الأوروبيين في هذا الجهد، لكنه أعرب عن إحباطه من عدم إحراز تقدم في واشنطن. وسيضغط على ترامب لزيادة الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإقناعه بالموافقة على وقف إطلاق النار. ويُعدّ الأوروبيون حزمة عقوبات أخرى، مُدركين أنهم لن يتمكنوا من إقناع بوتين إلا بالتعاون مع الأمريكيين.

تنتهج برلين استراتيجيةً لتسوية الخلافات مع واشنطن، فمن جهة تُعلن الحكومة الألمانية استعدادها لإنفاق مئات المليارات من اليورو على تعزيز قدراتها العسكرية في محادثاتها مع الأمريكيين. ومن جهة أخرى، ليس من قبيل المصادفة أن يُعلن فادفول في اجتماع حلف شمال الأطلسي في تركيا أن جمهورية ألمانيا الاتحادية ترغب في إنفاق 5% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع مستقبلا 3.5% على تعزيز القدرات العسكرية، و1.5% على البنية التحتية.

من غير المرجح  أن يتحقق هذا الهدف بالفعل، وأن تدعمه الدول الأعضاء الأخرى في حلف الناتو، وخاصة دول جنوب أوروبا. وتسعى الحكومة الألمانية لإرسال إشارة إلى الأمريكيين أن ألمانيا تقود الطريق زيادة الإنفاق الدفاعي. هذا ما طالب به ترامب لسنوات عديدة، والحكومة الألمانية تمنحه ما يُمكنه نظريا تسويقه على أنه نجاح سياسي. وتأمل ألمانيا قبل كل شيء في الحفاظ على الوضع الراهن، وهو التزام الأمريكيين بالمادة الخامسة وحلف شمال الأطلسي

وكان قد وصف ميرز هجمات نائب الرئيس الأمريكي جيه. دي. فانس الذي اتهم الحلفاء الأوروبيين بتعريض الديمقراطية للخطر في مؤتمر ميونيخ للأمن بأنها “مبالغ فيها”. ورفض انتقادات الحكومة الأمريكية لتصنيف المكتب الاتحادي لحماية الدستور لحزب البديل من أجل ألمانيا بأنه حزب يميني متطرف مؤكد. وتابع: “هذا شأننا نحن من نقرر ذلك، وليس الحكومة الأمريكية”.

الاستعداد لمستقبل بدون حلف الناتو

دعا باحثون ألمان بارزون في مجال السلام والصراع الحكومة الألمانية، في تقرير إلى الاستعداد لمستقبل بدون حلف الناتو، في ضوء التطورات السياسية في الولايات المتحدة. وفي ظل حكومة أمريكية “متزايدة القومية”، وفي ظل “المطالبات الإقليمية والتهديدات ضد الحلفاء”، أكد كريستوفر داسي من معهد لايبنتس لأبحاث السلام والصراع: “أن تحالف الدفاع لا مستقبل له”.

خلال عرض تقرير السلام لعام 2025، انتقد داسي بشدة التطورات في الولايات المتحدة منذ تولي ترامب منصبه في يناير 2025. وجادل بأن الرئيس الأمريكي وإدارته قد نجحا “في وقت قصير جدا ودون مقاومة تُذكر في تحويل أقدم ديمقراطية في العالم إلى نظام استبدادي”. وأضاف داسي: “أن الولايات المتحدة أصبحت الآن عاملا آخر من عوامل عدم اليقين”. وتابع: “لقد انتهت الشراكة عبر الأطلسي كما عرفناها”.

ألمانيا وأوروبا “مهددتان بشكل مباشر بإعادة هيكلة الدولة في الولايات المتحدة”. وبينما يبدو حلف الناتو غير مستقر من الداخل في ظل التهديد الروسي، يجب على أوروبا “أن تصبح قادرة على الدفاع عن نفسها بدون الولايات المتحدة، وربما حتى ضدها”.

توصية بشأن مفاوضات ضبط الأسلحة

في التقرير، أوصى باحثو السلام الحكومة الألمانية بوضع “خطة شفافة ومتدرجة لتوسيع وتكامل هياكل الدفاع الأوروبية”. ويمكن أن يشمل ذلك، من بين أمور أخرى، تعزيز التعاون الهيكلي الدائم للاتحاد الأوروبي (PESCO) والبعثات الأوروبية المشتركة. ومع ذلك، فإنّ الاكتفاء بـ “التسلح والردع من خلال القدرات الدفاعية” يُعدّ قصر نظر. تابع داسي: “ومن الأساليب الممكنة، كما كان الحال خلال الحرب الباردة، الجمع بين إعادة التسلح والتفاوض بشأن ضبط الأسلحة”.

باحثون: على ألمانيا الاعتراف بالأراضي الفلسطينية كدولة

فيما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا باحثو السلام بشكلٍ أكثر إلحاحا من أي وقتٍ مضى إلى وقف جميع شحنات الأسلحة التي يُمكن استخدامها في قطاع غزة والضفة الغربية. وجادلوا بأن إسرائيل انتهكت القانون الإنساني الدولي “بشكلٍ صارخ” و”تجاوزت حدود الدفاع المشروع عن النفس”. علاوة على ذلك، ينبغي لألمانيا أن تدعو إلى الاعتراف بدولة فلسطينية “على المدى المتوسط”. وأضاف داسي: “إن الحل الدائم للصراع الفلسطيني لا يقيد بأي حال من الأحوال حق إسرائيل في دولة يهودية ضمن حدود آمنة”.

رابط مختصر..  https://www.europarabct.com/?p=104901