خاص ـ المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI
لمواجهة التهديد الروسي، تعتمد ألمانيا على شركائها الأوروبيين، ويهدفون معًا إلى تعزيز حضورهم في القطب الشمالي. ويبدو أن ألمانيا سترسل سفنًا حربية إلى القطب الشمالي لمواجهة النشاط العسكري الروسي المتزايد في المنطقة. وصرّح وزير الدفاع، بوريس بيستوريوس، في يونيو 2025، بأن الجيش الألماني “سيُثبت وجوده” في شمال الأطلسي والقطب الشمالي بسفن دورية.
وتابع بيستوريوس، خلال زيارته للعاصمة الدنماركية كوبنهاغن: “روسيا تُعسكر القطب الشمالي، ويتزايد التهديد البحري، ونلاحظ نشاطًا متزايدًا للغواصات الروسية العاملة في هذه المنطقة”. وأضاف: “ستُظهر ألمانيا وجودها في شمال الأطلسي والقطب الشمالي خلال العام 2025”.
مناورات عسكرية مشتركة مخطط لها
أوضح بيستوريوس تفاصيل الخطة قائلًا: “سنجري خلال هذه الرحلة تدريبات مع حلفائنا في المنطقة، وقد خططنا لأول زيارة لميناء نوك في غرينلاند من قِبل سفينة حربية ألمانية”. وأضاف: “بعد ذلك، سنشارك لأول مرة في مناورة القطب الشمالي الكندية ‘نانوك’. وسيتم نشر غواصات وطائرات دورية وفرقاطات ألمانية لإثبات التزامنا تجاه هذه المنطقة”.
يأتي إعلان بيستوريوس في الوقت الذي تواصل فيه روسيا تعزيز وجودها العسكري في القطب الشمالي، ونشر المزيد من كاسحات الجليد وسفن الشحن هناك. وقد فتح ذوبان القمم الجليدية طرق شحن جديدة وفرصًا للحصول على المواد الخام.
الدنمارك حليف مهم لألمانيا
يتعاون الجيش الدنماركي بشكل وثيق مع الجيش الألماني، من بين أمور أخرى، في مراقبة منطقة بحر البلطيق تحت مظلة حلف شمال الأطلسي (الناتو). وتُعدّ الدنمارك من أبرز الداعمين العسكريين لأوكرانيا في دفاعها ضد الغزو الروسي؛ ففي يونيو 2022، صوّتت البلاد للانضمام إلى سياسة الدفاع المشتركة للاتحاد الأوروبي، منهية بذلك قاعدة خاصة كانت ساريةً لثلاثة عقود.
أعلنت الحكومة الدنماركية خلال العام 2025 عن نيتها إنفاق 14.6 مليار كرونة (ما يقارب ملياري يورو) لتعزيز الأمن في المنطقة. ويشمل ذلك أيضًا غرينلاند وجزر فارو، وهما إقليمان تابعان للدنمارك في الخارج. وقد كانت غرينلاند محور نقاشات جيوسياسية متكررة في الفترة الأخيرة، حيث تكهّن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، علنًا بضم أو حتى شراء الولايات المتحدة للإقليم، إلا أن الدنمارك ترفض هذا بشدة.
هل دول حلف شمال الأطلسي مجهزة للقتال في القطب الشمالي
حذّر خبير في الأمن والدفاع من أن دول حلف شمال الأطلسي غير مجهّزة بشكل كافٍ للقتال في القطب الشمالي. وقالت مينا ألاندر، الزميلة غير المقيمة في برنامج الدفاع والأمن عبر الأطلسي في مركز تحليل السياسات الأوروبية، إنه في حين تستعد فنلندا لاحتمال اندلاع حرب على حدودها مع روسيا، والتي يبلغ طولها 830 ميلاً، فإن بقية دول أوروبا غير مستعدة لخوض صراع في هذه المنطقة القاسية.
وقد زاد حلف شمال الأطلسي من عدد تدريباته في المنطقة منذ اندلاع حرب أوكرانيا عام 2022، والتي أدّت لاحقًا إلى انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف، وخلال مؤتمر حول الأمن في القطب الشمالي، قالت ألاندر: “لدينا قوات تابعة لحلف شمال الأطلسي، ولكن هل يعرفون كيفية البقاء على قيد الحياة في القطب الشمالي قبل أن يدخلوا في القتال؟ حتى الولايات المتحدة لا تمتلك بالضرورة التدريب الأساسي الكافي لإجراء عمليات عسكرية عادية في مثل هذه الظروف الخاصة.”
وأضافت: “ليس كل حلفاء الناتو لديهم القدرات اللازمة للعمل في بيئة ومناخ القطب الشمالي. إنها بيئة تحتوي على متطلبات دقيقة للغاية، حتى في أبسط الأمور، عندما تنخفض درجات الحرارة بشكل قارس.”
وأشارت ألاندر إلى أن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو ساعد في معالجة واحدة من أكبر نقاط الضعف التي عانى منها الحلف قبل عام 2022. وكتبت: “إن انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو يُعدّ ثورة حقيقية في أمن شمال أوروبا، إذ تسدّ الدولتان فجوة جغرافية استراتيجية كانت قائمة في أراضي التحالف بين النرويج في القطب الشمالي، ودول البلطيق: إستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا في بحر البلطيق.”
وأضافت: “تُشكّل السويد حلقة وصل رئيسية بين فنلندا والنرويج في الشمال، وأوروبا القارية في الجنوب عبر الدنمارك. وإن توحيد جميع دول الشمال الأوروبي ضمن تحالف واحد يفتح الباب أمام مستوى غير مسبوق من التماسك الاستراتيجي، مما يُمكّن من التخطيط المتكامل للدفاع الإقليمي من بحر البلطيق إلى شمال الأطلسي والقطب الشمالي.”
وفي دليل خاص حول الحرب في القطب الشمالي، وصف أوسكار روزنغرين، من شركة الاستخبارات “غراي دايناميكس”، التواجد العسكري في الثلوج بأنه “كابوس لوجستي”. وقال: “درجات الحرارة المتجمدة، والطقس القاسي، ووحشية الطبيعة، كلها عوامل تذكّر أي جهة عسكرية تخوض حربًا في القطب الشمالي بمدى قساوة هذه البيئة. إن عددًا كبيرًا من الجنود التقليديين يفتقرون إلى التدريب اللازم، ومثل هذا الإهمال قد يؤدي حتمًا إلى عواقب وخيمة.”
رابط مختصر .. https://www.europarabct.com/?p=105616