أسباب نزوح الشباب نحو التطرف في المجتمع الهولندي
إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا
وحدة الدراسات والتقارير “2“
حذّرت السلطات الهولندية من تأثّر طلاب إحدى المدارس الثانوية الإسلامية في العاصمة أمستردام بمدرسين يشتبه بوجود صلاتٍ لهم مع متشددين إسلاميين وفقا لـ”يورنيوز” فى 8 مارس 2019. وقالت هيئة “إن سي تي في” الأمنية في هولندا: إن هناك “إشارات مريبة للغاية” حول المدرسة، وأضافت أن هناك أموراً تحدث داخل المدرسة ليست مناسبة للديمقراطية ولعملية الاندماج”، مشيرة إلى وجود أشخاص ضمن إدارة المدرسة كانوا ضمن بيئة إسلاموية متطرفة. وقال وزير الأمن والعدل الهولندي “فرديناند خرابرهاوس” رداً على الرسالة التي تلقّاها: “إن الحكومة على أهبة الاستعداد لمواجهة السلوك المناهض للقيم الديمقراطية ولعملية الاندماج بما يكفل حماية القانون وتسيّده” وفيما يلى عن اسباب ميول الشباب الى التطرف داخل هولندا.
تراخى البلديات فى معالجة التطرف والعمل فى سرية
أشار موقع” إنفيستيجيتيف جورنال” فى 1 سبتمبر 2019 إلى أنه في الوقت الذي كشف فيه تقرير للحكومة الهولندية وأجهزة المخابرات على أن أعضاء جماعة الإخوان في هولندا”يعملون بسرية ومناهضون للتكامل”، إلا أنهم يمكنهم من خلال السماح لهم بتولي مناصب رئيسية في “هيئة اتصال المسلمين”، وهي أحد مجالس التنسيق الرسمية بين الجاليات المسلمة والحكومة.كما كشف التحقيق، عن كيفية استقطاب أحد المتطرفين المدانين قضائياً، العناصر للجماعات المتطرفة، وكيف أصبح مؤثراً في أوساط الشباب في أمستردام. وكشف تقرير صادر عن “مفتّشية الأمن والعدالة” فى 14 سبتمبر 2017 أن (50%) من البلديات في هولندا لا تقوم تقريباً بأي شيء لمكافحة التطرف. وتبعاً لكتّاب التقرير فإن البلديات التي يقل عدد سكانها عن(100) ألف نسمة تحديداً لا تقوم بتطبيق أي سياسة مضادة للتطرف. تقول تلك البلديات أن المشكلة ليست مشكلتهم ولا حاجة للاستثمار في توعية السكان أو في تأهيل مسؤوليها.
تنامى التيارات المتطرفة عبرالمؤسسات التعليمية
أظهر تحقيق صحفي مشترك بين صحيفة الـ NRC وبرنامج Nieuwsuur فى 11 سبتمبر 2019 الذى استهدف المؤسسات التعليمية السلفية في هولندا، والتي لا تحكمها الأنظمة نفسها التي تحكّم باقي المدارس، لأنّها لا تعتبر مدارس رسميّة. و يتعلّم الأطفال في تلك المدارس السلفيّة أنّ الناس من ذوي المعتقدات الدينية المختلفة عن الإسلام يستحقّون الموت. كما يتعلّمون أن ينأوا بأنفسهم عن المجتمع الهولندي وعن مبادئ المساواة والحريّة وأنّ عليهم مغادرة هذه “البلاد الغير المؤمنة” إلى بلاد إسلامية، حيث سيتمكنون من الاستقرار والعيش كمسلمين. وكان قد تزايد في الآونة الأخيرة نفوذ التيار السلفي ضمن المدارس الإسلامية غير الرسمية في هولندا، ويبلغ عدد المراكز التعليمية التي تعتبر سلفيّة أو متأثّرة بالفكر السلفي في هولندا حوالي(50) مركزاً على الأقلّ.
العزلة الاجتماعية والانفصال
يرى أوليفر روي في كتابه “الجهاد والموت”، أن الجهاديين المعاصرين الذين شنوا هجمات إرهابية في أوروبا تحديدا ـ لاسيما هولندا”ـ ، لم يدفعهم الفكر المتطرف في حد ذاته للانضمام إلى الجماعات الإسلاموية المتطرفة بقدر ما دفعهم إلى الانضمام إليها إنكار القوانين والقيم في المجتمع، الذي تطور لديهم بعد سنوات من العزلة الاجتماعية والانفصال عن الواقع والتمرد وفقا لـ”BBC” فى 4 مايو 2019 . ويرى روي أن الشباب الأوروبيين الذين انضموا إلى صفوف ما يسمى بتنظيم “داعش”، لم يجذبهم حلم الخلافة الإسلامية بقدر ما جذبتهم الأساليب العنيفة التي ينتهجها التنظيم. ولهذا فإن الهجمات الإرهابية الأخيرة هي محاولات لأسلمة التطرف، وليست تطرفا إسلاميا.
خطة هولندا في اعتماد الأمن المجتمعي
ألقت السلطات الهولندية القبض على قائد بتنظيم “جبهة النصرة” االجهادية المتطرفة، وذلك على خلفية اتهامات بالإرهاب وارتكاب جرائم حرب في سوريا.وأعلنت الشرطة الهولندية فى 21 مايو 2019 وفقا لـ”روسيااليوم” أنه ألقي القبض على مواطن سوري (47 عاما)، يكنى بـ “أبو خضر”، في مدينة كابيله جنوب غربي هولندا، وذلك بعد تلقي أجهزة الأمن المحلية معلومات من ألمانيا حوله.وافتتح يوم 8 يونيو2016 وفقا لـ”مونت كارلو” في لاهاي مؤتمر المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب وهدف إلى تبادل الخبرات لمكافحة ظاهرة رحيل آلاف الشباب للانضمام إلي مجموعات جهادية مثل “القاعدة” و”داعش” وإلى البحث في سبل مكافحة التطرف وذلك بتحديد هوية الجهاديين المحتملين وعددهم والطرق وتطرق إلى كيفية مخاطبة هؤلاء وإقناعهم وتأهيلهم إذا ما عادوا إلي بلادهم .
ذكرت وكالة “إيه.إن.بي” الهولندية للأنباء أن قضاة هولنديين حكموا على متشدد يبلغ من العمر 24 عاما من تنظيم “داعش” وفقا لـ”يورونيوز” فى 23 يوليو 2019 بالسجن سبع سنوات ونصف السنة لإدانته بارتكاب جرائم حرب في العراق وسوريا بعد تصويره بجانب جثة مصلوبة وقيامه بنشر صور قتلى على الإنترنت.و بدأت هولندا فى الربع الأول من العام 2017 من تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع “نقل المعرفة” المخصص لهولندا، ضمن بهدف نقل المعرفة في معالجة ومكافحة الإرهاب والتطرف، لا سيما الإلكتروني .وإجراء دورة تدريبية لمجموعات عاملة وناشطة في الوقاية من التطرف والإرهاب. وتضمن البرنامج خلال المرحلة الثانية محاضرة في جامعة آيندهوفن للعلوم والتكنولوجيا عن الإرهاب الإلكتروني وآليات التعامل مع العقل الإرهابي الإلكتروني وفقا لجريدة ” الحياة” فى 18 فبراير 2018.
دعت هولندا إلى إنشاء محكمة لمقاضاة عناصر تنظيم “داعش” وطرح وزير الخارجية الهولندي “ستيف بلوك” هذا الاقتراح خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي فى 24 مايو 2019 وفقا لـ”العربية” ، قائلا إنه يجب أن تكون هناك مساءلة ووضع حد للإفلات من العقاب وإن مقاتلي داعش المسؤولين عن الفظائع الجماعية يجب مقاضاتهم، ويفضل أن يكونوا في المنطقة، وإذا أمكن ذلك من خلال “محكمة جنائية دولية مخصصة أو مختلطة”.وأضاف بلوك: “أنا مدرك تماما للعقبات المعقدة التي تعترض طريقنا نحو هذا الهدف.. لكن علينا أن نضع في اعتبارنا أن العدالة شرط أساسي للسلام الدائم والأمن”.
تجارب هولندين داخل تنظيم داعش
اعلن “ياغو يديك” 27 سنة زوج شميمة بيغوم إنه يريد عودة زوجته إلى هولندا معه. وولد ريديك ونشأ في ضاحية راقية بمدينة أرنهم في هولندا، لكنه تخلى عن كل شيء من أجل الالتحاق بالتنظيم .وغادر ريديك إلى سوريا في أكتوبر عام 2014. واعترف ريديك وفقا لـ”بي بي سي” فى 3 مارس 2019 بأنه قاتل في صفوف تنظيم “داعش” لكنه أكد أنه الآن يرد العودة إلى بلاده مع زوجته لتربية طفلهم هناك. وأكد إنه رفض الاستمرار في صفوف التنظيم وحاول الخروج منه. وأضاف أنه كان مسجونا في الرقة في سوريا وتعرض للتعذيب بعد اتهام التنظيم له بأنه جاسوس هولندي. ولم تُسحب الجنسية الهولندية من ريديك، على الرغم من وجوده في قائمة انتظار الإرهابيين في هولندا. ويعتقد “أحمد مركوش” عمدة أرنهم أن هناك ضرورة لإعادة ريديك إلى هولندا وتقديمه للعدالة. “سنستمر في إرشاده ومراقبته”، كما قال لصحيفة محلية.
الخلاصة
رصدت الاستخبارات الهولندية انتشار الفكر المتطرف بين الشباب الهولندي المسلم، من خلال المساجد الممولة من دول على صلات بجماعة الإخوان ومنها قطر. وتتمتع بعض المنظمات التى تنشر الفكر المتطرف بين الشباب بتمويل جيد، وتمتلك المهارة لتأكيد نفوذها وسيطرتها على المساجد التي تعاني من مشاكل مالية. وتعمل جماعة “الإخوان” على زيادة نفوذها في هولندا تمامًا كما تفعل الجماعات السلفية الأخرى ما يهدد الأمن القومى فى هولندا لا سيما أن هذا النوع من التطرف الإسلاموي يقوض اندماج الشباب المسلمين في المجتمع، ويزيد من قابليتهم نحو التشدد.
ولاتزال المجموعات المتطرفة تدعو للقلق وتصل إلى أكبر عدد من الناس لاسيما في الجاليات المسلمة ما يعد هو التهديد الأكثر خطورة على الإطلاق. وبتنوع تأثير التيارات المتطرفة للاستقطاب بأسلوب مدروس يتمثل بتقديم النصح والإرشاد ودفعهم تدريجياً نحو تبني أفكارها المتطرفة. فبات من المقلق أن يتواصل تزايد الشباب الهولنديين الذين يصبح لديهم أفكار متطرفة. وأن يحدث أكثر وأكثر عبر الإنترنت خصوصا مواقع التواصل الإجتماعى ما يمكن أن يشكل أرضا خصبة لتحول بعض معتنقي هذا الفكر إلى “الجهاد العنيف” ،و يخلق أرضيةً خصبةً للانعزالية.
التوصيات
تقوّيم المحتوى التعليمي لكافة المدارس، وخضوعه للمعايير والقيم الهولندية، وتشكيل إدارات جديدة للمدارس الهولندية تخلو من أي عضو من الذين تدور حولهم الشبهات بالتطرف والتشدد”. اجتثاث الأفكار المتطرفة وإعادة النظر في العوامل التي أدت إلى انضمام الشباب الهولندى للجماعات المتطرفة . ضرورة قيام الشرطة والمسؤولين الحكوميين بمعالجة مشكلة التطرف في العاصمة أمستردام وكبرى المدن الهولندية. و أن تتخذ خطوات إجراءات رقابية أكبر على عمل الجمعيات والمنظمات التى لها صلة بالتطرف .
رابط مختصر … https://www.europarabct.com/?p=55085
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
الهوامش
السلطات الهولندية تحذّر من مدرسة ثانوية إسلامية بأمستردام … يورنيوز
قلق لدى المخابرات الهولندية AIVD من تزايد التطرف … هولندا اليوم
البلديات تتراخى في مواجهة التطرف
“الغير مسلمين يستحقّون الموت” في مناهج المدارس السلفيّة في هولندا … … netinnederland.nl
كيف يفكر الشخص المتطرف؟ … BBC
مؤتمر في هولندا حول مشكلة انضمام الشباب إلى المجموعات الجهادية … مونت كارلو
«السكينة» تنقل إلى هولندا «المعرفة» في مكافحة الإرهاب … جريدة الحياة
هولندا تدين متشددا من داعش لارتكابه جرائم حرب في سوريا والعراق … يورونيوز
هولندا تلقي القبض على قائد بـ “جبهة النصرة” السورية … روسيا اليوم
هولندا تدعو إلى إنشاء محكمة لمقاضاة الدواعش … العربية
شميمة بيغوم: من هو زوج عروس تنظيم الدولة الإسلامية الذي يريد اصطحابها معه لهولندا؟ … BBC