المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
ستوكهولم.ـ آندي فليمستروم Andie Flemström ، باحثة في المركز الأوروبي ـ قضايا التطرف والإرهاب
ماجستير آداب – علاقات دولية – جامعة ستوكهولم ـ https://twitter.com/AndieFlemstroem
أمن دولي ـ انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، هل من مخاطر محتملة؟
مازال الجدل قائما حول إنضمام السويد وفنلندا الى حلف ” الناتو”، رغم ان عملية الإنضمام تضمن حماية “الناتو” إلى السويد وفنلندا من أي تهديدات محتملة من قبل روسيا، لكن البعض يرى،عكس ذلك، كون مبدأ الحياد الدائم ضمن الأمن والأستقرار ولعقود طويلة الى كل من هلسنكي وستوكهولم، وان تخليهما عن هذا المبدأ ممكن ان يعرضهما الى الكثير من المخاطر الأمنية.
أصبحت فنلندا عضواً في الناتو اعتبار من مطلع أبريل 2023، أما السويد فمازالت مرشحة، في أعقاب انعقاد قمة الناتو في مدريد يوم 29 يونيو 2022 ، بعد توقيع اتفاق بين تركيا والسويد من جانب ومابين تركيا وفنلندا من جانب آخر. ما هو مضمون الاتفاق، وهل وقعت السويد وفنلندا صفقة ثمنا لأنضمامهما للناتو ؟
اتخذ قادة الناتو خلال انعقاد قمة الناتو في مدريد قرارًا تاريخيًا بدعوة فنلندا والسويد باعتبارهما دول مرشحة للأنضمام للناتو. جاء قرار انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو نتيجة ” الغزو” الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير 2022 ، وبذلك تخلت كل من السويد وفنلندا عن سياسة الحيادية وحرية التحالفات التي اتبعتها خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. ملف: أزمة أوكرانيا وانعكاساتها على وحدة أوروبا
بنود الاتفاقية بين تركيا، السويد وفنلندا
تنص الاتفاقية على دعم السويد وفنلندا لتركيا من خلال تقديم دعم كامل لها في مكافحة تهديدات الأمن القومي والحرب ضد الإرهاب، وشملت العديد من البنود، من بينها:
- سحب كل من السويد وفنلندا دعمهما إلى المنظمات الكردية، مثل قوات سوريا الديمقراطية DSF، وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا PYD ومنظمة فتح الله غولن السياسية Gülen movement.
- عدم فرض كل من السويد وفنلندا حظر على صادرات الأسلحة إلى تركيا، بعد انضمامهما إلى “الناتو”.
- أن تتعهد كل من السويد وفنلندا بتسليم المطلوبين على قوائم الإرهاب التركية الى حكومة أنقرة.
أصوات ناقدة للاتفاقية من داخل السويد
تعرضت الحكومة السويدية لانتقادات من عدة جهات بسبب الاتفاقية أو التسوية مع تركيا. حيث أثار بند تسليم ” عناصر متطرفة” المشتبه فيهم العديد من الانتقادات. هنالك قلق من تأثر الناشطين الأكراد وغيرهم من المعارضين للحكومة التركية في السويد. لكن وزيرة الخارجية السويدية، آن ليند، صرحت أن السويد تلتزم بالتشريعات السويدية والتشريعات الدولية في مسائل تسليم المطلوبين، ، وأنه في حال قدمت دول فردية، مثل تركيا، طلبًا لتسليم المطلوبين، فسيتم التعامل معه بالطريقة المعتادة وفقًا للقانون السويدي.
وعلقت رئيسة حزب اليسار، نوشي دادغوستار:” بأن الاتفاقية غير واضحة وغير معروف ماذا تعنيه حقًا، هل ستقوم السويد بتسليح تركيا في حربها على دول الجوار مثلًا، وهل تركيا هي من تحدِّد أيًا من سكان السويد سيتم ترحيله؟”
وتعلق البرلمانية المستقلة عن حزب اليسار، أمينة كاكابافيه، ذات الأصول الكردية، بأن السويد من خلال هذا الاتفاق “تخون” أكراد السويد، وتدعوهم بعدم التصويت لمصلحة الحكومة في الانتخابات التي ستجري في سبتمبر 2022، كما وتحثهم على عدم الوثوق بالحكومة لأنها تبيع حقوقهم للحصول على عضوية الناتو. وصفت مارتا ستينيفي، رئيسة حزب البيئة، الاتفاقية مع تركيا بأنها مقلقة للغاية، خاصة في ما يتعلق ببند تصدير الأسلحة لتركيا، بسبب انتهاكاتها المحتملة للقانون الدولي في شمال سوريا، وعبرت عن مخاوفها بأن تصبح السويد أداة في السياسة الداخلية لتركيا من خلال الضغط على المعارضين وسجن السياسيين عبر استخدام تشريعات الإرهاب التعسفية، وذلك بسبب تعليق دخول السويد إلى الناتو على موافقة تركيا.
أسباب تحول الموقف التركي حول انضمام السويد وفنلندا للناتو؟
علقت رئيسة وزراء السويد، ماجدالينا أندرشون، حول أسباب تغيير تركيا لموقفها الرافض لانضمام السويد إلى الناتو بأنه جاء نتيجة المناقشات والمفاوضات بين الطرفين، والتي أوضحت فيها كلٌّ من السويد وفنلندا كيف يمكنهم المساهمة في أمن الناتو بأكمله والعمل ضد الإرهاب الذي يشكل مصدر قلق للرئيس أردوغان. وأضافت لقد كنا واضحين بشأن كيفية عملنا ضد الإرهاب، من حيث تشديد وتعزيز التشريعات في السنوات الأخيرة المتعلقة بتمويل الإرهاب، وتصنيف المزيد من الأنشطة ضمن فئة الإرهاب، وهناك أيضًا تشريعات أخرى جارية من الجانب السويدي، فمن الواضح أنها تعني الكثير لتركيا.
ولعبت الولايات المتحدة دورًا مهمًا إلى حد ما في تغيير الموقف التركي تجاه انضمام كل من البلدين إلى حلف الناتو، حيث وافقت أمريكا على السماح لتركيا بشراء طائرات مقاتلة أمريكية جديدة F16، ما يؤكد التكهنات بأن تهديد تركيا باستخدام الفيتو كانت له نيات مبطنة تهدف إلى التأثير على أمريكا للحصول على تنازلات، خاصة في ما يتعلق بشراء الأسلحة.
ردود فعل روسيا على انضمام السويد وفنلندا للناتو
يعتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن توسع الناتو يمثل تهديدًا مباشرًا لأمن بلاده، لذا فإن انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف سوف يُنظر إليه على أنه استفزاز وتصريح وزارة الخارجية الروسية إن كلا البلدين قد تم تحذيرهما من “عواقب” مثل هذه الخطوة. حذر الرئيس السابق دميتري ميدفيديف من أن الانضمام إلى الناتو قد يدفع موسكو إلى نشر أسلحة نووية أكثر في كالينينغراد ، المعزل الروسي بين بولندا وليتوانيا.أزمة أوكرانيا – انقسامات أوروبا حول وقف ايرادات الطاقة من روسيا
يعتبر انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو تطورًا سلبيًا بالنسبة إلى روسيا، فهو يعزز مخاوفها الأمنية نتيجة زيادة الإجراءات العسكرية حول حدود شمال أوروبا مع روسيا، ما يطرح التساؤل حول ماهية ردود الفعل المتوقعة من جانب روسيا نتيجة لهذه المخاوف.
وفقًا لمارتن كراغ، الخبير في الشأن الروسي من معهد السياسة الخارجية في ستوكهولم، إنه من الصعب التكهن بردود فعل روسيا، ولكن يمكن للمرء أن يأخذ مثالًا ليس ببعيد، حيث اتهمت روسيا ليتوانيا بعرقلة العبور الروسي إلى كالينينغراد على بحر البلطيق، نتيجة للعقوبات على روسيا، وتوجد العديد من المؤشرات إلى أن روسيا كانت وراء الهجوم الإلكتروني على ليتوانيا. لا يمكن أيضًا استبعاد نوع من رد الفعل السريع ، لكن ليس من الضروري أن يكون هناك رد فعل فوري، أو يمكن أن نفترض أن روسيا ستعبر عن عدم رضاها، ولكن يجب أن يكون هنالك نوع من الحذر تحسبًا لما ستقدم عليه روسيا مستقبلًا.: ملف: أمن دولي ـ انضمام السويد وفنلندا، تغيير في موازين القوى
قراءة مستقبلية
ـ إن التحول في موقف تركيا تجاه انضمام السويد وفنلندا للناتو يعتبر “انتصار” كبير لتركيا، حيث حصلت تركيا على تنازلات من السويد وفنلندا بعدم تقديم الدعم لقوات سوريا الديمقراطية التي تعتبرها تركيا جماعة إرهابية، رغم انها غير مصنفة على قوائم السويد وفنلندا.
ـ من الطبيعي أن تكون هناك تغيرات في سياسات وتشريعات البلدين نتيجة الانضمام إلى الناتو. على سبيل المثال، من الواضح أن التشريع السويدي في ما يتعلق بتصدير الأسلحة يمكن أن يفسر بشكل مختلف عندما يتعلق الأمر ببيع الأسلحة إلى الدول الأعضاء في التحالف الدفاعي نفسه. كما ستكون هناك فرصة للسويد وتركيا ودول الناتو الأخرى للتعاون في ما يتعلق بتبادل المعلومات والعمل في مجالات مكافحة الإرهاب.
ـ إن تغيير التشريعات المتعلقة بتصدير الأسلحة من السويد وفنلندا يمكن أن تمنح تركيا فرصة أكبر للوصول إلى الأسلحة .
ـ يبدو أن أردوغان قد حقق “انتصارًا” سياسيا، حيث أثبت أن تركيا عضو رئيسي في الناتو، ويجب أن تؤخذ مصالحها الأمنية في الاعتبار، كما أظهر أنه طرف قوي في المحادثات الدولية حول قضايا السياسة الأمنية، وأظهر لجمهوره الداخلي أنه يدافع عن مصلحة تركيا، وأنه زعيم يمكن الوثوق به، لكن داخل الناتو هناك وجهات نظر مختلفة، بعضها يعتبر تركيا طرفًا استراتيجيًا في حلف الناتو، فيما بعضها الآخر يعتقد غير ذلك.
ـ أثبت تركيا أنها متمرسة في “لعبة” الملفات السياسية والتوافقات، واستغلال الفرص لتحقيق مصالحها.
ـ إن إنضمام السويد وفنلندا الى الحلف الأطلسي، ممكن أن يمنحهما فرصة لعب دورا أكبر في قضايا الأمن والدفاع على مستوى إقليمي ودولي وممكن أن يعزز امنهما الوطني، رغم أن البعض يرى عكس ذلك، بإن خسارة السويد وفنلند الى مبدأ الحياد الدائم، يعني وجود روسيا عن حدودهما، ووجود الناتو عن خطوط التماس مع روسيا، من شأنه ان يعزز فرضية المواجهة العسكرية المحتملة عن حدوث أي خظأ عسكري.
ـ من المتوقع أن تعزز العضوية الفنلندية والسويدية الجناح الشرقي للناتو ودفاعاته في شمال أوروبا. ربما يكون التأثير الأكثر أهمية هو توسيع حدود الناتو مع روسيا وستعمل فنلندا والسويد معًا على توسيع وجود التحالف بشكل كبير في بحر البلطيق والدائرة القطبية الشمالية.
ـ بات متوقعا أن يؤدي انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو إلى تعزيز قدرة الردع لدى الناتو في القطب الشمالي ، وهي المنطقة التي استثمرت فيها روسيا بكثافة في البنية التحتية التجارية والعسكرية. سيؤدي انضمام فنلندا والسويد إلى انضمام جميع دول القطب الشمالي، باستثناء روسيا، إلى الناتو، مما يسمح للحلف باتباع استراتيجية أكثر تماسكًا في المنطقة.
رابط نشر مختصر ..https://www.europarabct.com/?p=82760
*حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والإستخبارات
هوامش
Aftonbladet.2022
Aktuellt/SVT Play. 2022
Aktuellt/SVT Play. 2022
Dagens ETC.2022
RegeringsKansliet.Statsrådsberedningen.2022
SVT. /nyheter/utrikes.2022