إعداد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا وهولندا-
وحدة الدراسات والتقارير “14”
تواجه ألمانيا تزايدًا في أعداد المنتمين لتيار اليمين المتطرف ممن يعتقدون في أفضلية القوميين الألمان على الأجناس الأخرى، ولا يعترفون بحقوق المسلمين أو اليهود أو حتى الأشخاص ذوي الإعاقات، ولا يتوقف انتشارهم على المواطنين المضطربين فقط بل يمتد توسعهم إلى الكتل الحزبية وساسة البرلمان، ويشكل هذا الانتشار إشكالية تاريخية لألمانيا التي عانت لفترات من حكم النازية وما أفرزه أدولف هتلر من سلبيات لا تزال تدفع برلين ثمنها.
الاستخبارات الألمانية ترصد تصاعد اليمين المتطرف
أصدرت هيئة حماية الدستور الألمانية في يوليو 2020 تقريرها السنوي لتقييم أوضاع التطرف ومخاطر التشدد على البلاد، وجاء في وصفه لليمين المتطرف أن أعداد المنتمين له في تزايد مستمر، فكان عددهم في 2018 حوالي 24,100 شخصًا وأصبحوا 32,080 بنهاية عام 2019.
وتؤكد الاستخبارات أن عدد المتطرفين من اليمين ممن صنفوا كمؤهلين لممارسة العنف قد ازداد بحلول نهاية 2019 ليصل إلى 13000 شخصًا بعد أن كانوا 12700 في 2018، إلى جانب تطور الأعمال الإجرامية الصادرة عن أتباع التيار مقارنة بالأعوام السابقة، إذ ازدادت نسبة تنفيذهم للجرائم الجنائية بواقع 9,7%، ووصل عدد الجرائم والعمليات التي نفذوها في 2019 إلى 21,290 عملية، بينما نفذوا في 2018 19,409 جريمة.
نسب اليمين المتطرف بين الأحزاب والسياسيين
أعلنت الاستخبارات الألمانية وضع جناحًا بحزب (البديل من أجل ألمانيا) تحت المراقبه لأنها تعتبره يشكل خطرًا على النظام الدستوري للبلاد، وفقًا لشبكة بي بي سي في تقرير منشور في 12 مارس 2020 بعنوان (ألمانيا تتجسس على جناح في حزب البديل اليميني المتطرف)، ويطلق على هذا الجناح اسم (فلوغول). يتزعم جناح فلوغول النائب بيورن هوك، ويضم الجناح حوالي 7000 عضو يمثلون 20% من مجمل أعضائه، وتصنف برلين فلوغول كتنظيمًا إرهابيًا، ويمتلك حزب البديل من أجل ألمانيا 91 مقعدًا برلمانيًا من 709 مقعدًا وهو ممثل في جميع المجالس الإقليمية، وتتخوف السلطات من إمكانيه عمله على تكوين جبهة موحدة لتيارات اليمين المتطرف. اليمين المتطرف في ألمانيا يضع الشرطة على المحك
وصرح أحد المسؤولين في وكالة الاستخبارات الألمانية، يواكيم سيغر لشبكة بي بي سي قائلا إن وضع فلوغل قيد المراقبة الدقيقة هو أمر ضروري لحفظ أمن البلاد لأن الأجهزة رصدت عمله على التنسيق مع جماعات اليمين المتطرف الأخرى لتكوين تحالف موحد كما انه ينشر ايدلوجيته على مواقع التواصل الاجتماعي ويسعى لضم عناصر جدد للتيار.ويشير التقرير السنوي لهيئة حماية الدستور إلى بعض التيارات السياسية المحسوبة على اليمين المتطرف باعتبارها خطرًا على قيم الديمقراطية الألمانية، فبحسب التقرير فأن الحزب الوطني الديمقراطي (NPD) بات ععد المنتسبين له 3,600 بينما كان عددهم 4000 في 2018، وأن حزب DIE RECHTE“ المؤسس في 2012 وصل عدد أعضائه 550 شخصًا، وكانوا في 2018 600 شخصًا.
أن انخراط اليمين المتطرف في تيارات سياسية يعمل بعضها في الأنشطة الحزبية البرلمانية يؤثر كثيرًا على الديمقراطية الألمانية واحترام الحقوق السياسية للمواطنين، لأن انعكاس الأيدلوجية العنصرية على توجهات هؤلاء الساسة تضر بجميع المختلفيهن معهم وبالتالي بالمجتمع ككل.
أبرز جماعات اليمين المتطرف في ألمانيا
1) حركة الهوية
صنفتها الاستخبارات الألمانية في يوليو 2017 كحركة يمينية متطرفة، ووضعت عناصرها تحت المراقبة الدقيقة، ويعتقد بأن عددهم 600 شخص وتأسست في 2012، وبحسب دويتشيه، يقول رئيس الاستخبارات الداخلية، توماس هالدنفانغ في 9 يوليو 2017 إن الحركة تلعب بالنار ويجب تتبعها ورصد أنشطتها. وتنتشر الحركة في عدة دول أوروبية أخرى، وفي 11 يوليو 2020 أعلنت شركة التواصل الاجتماعي تويتر إغلاق حسابتها في المملكة المتحدة والنمسا وفرنسا والدنمارك لتحريضها على العنف، وفقًا لشبكة دوتشيه. ألمانيا .. قلق من تنامي اليمين المتطرف والتيارات الشعبوية
2) نسر الشمال
أعلن وزير الداخلية هورست زيهوفر في 23 يونيو 2020 حظر الجماعة المصنفة كتيار يميني متطرف، وتعتمد في أفكارها على دعم النازية ولديها رؤى عنصرية نحو المختلفين، وتمجد أدولف هتلر.
3) مواطني الرايخ (Reichsbürger)
حركة يمين متطرف وضعتها الحكومة تحت المراقبة في 2016، ولديها مواقف عنصرية ولا تعترف بالدولة الألمانية الاتحادية.
4) لواء العاصفة 44 ( Sturmbrigade 44)
تأسست في 2016، وهي متأثرة بالفكر النازي واتجاهاته العسكرية، وأعلنت السلطات حظرها في ديسمبر 2020 مع مصادرة أملاكها وحظر استخدام الشعارات والشارات الخاصة بها.
5) عصابة الذئاب البيضاء (Weisse Wölfe Terrorcrew)
أعلن وزير الداخلية حظرها في 2016، وكانت قد تأسست في 2011 وانتشرت في 10 ولايات بألمانيا.
خطر اليمين المتطرف على ألمانيا
شدد وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر في 5 مارس 2020 خلال حديثه بالبرلمان على أن اليمين المتطرف أصبح هو الخطر الأكبر الذي يواجه البلاد ، مشيرًا إلى جماعة الإشتراكيين الوطنييهن تحت الأرض كحالة من حالات التهديد العنيف للمجتمع. إن ما يمارسه اليمين المتطرف من تهديد لأمن ألمانيا هو أمر لا يجب التهوين بشأنه، وفقًا لوزير الداخلية الذي أكد أن السلطات ستتخذ كل ما يلزم لتقويض هذا الخطر، وارتبطت هذه التصريحات بواقعة قتل 10 أشخاص من أصول أجنبية وإصابة آخرين على يد متطرف يمين عمره 43 عامًا في 19 فبراير 2020.
ونقلت صحيفة الشرق الأوسط في 31 مايو 2020 عن رئيس الاستخبارات الداخلية توماس هالدنفانغ أن عناصر اليمين المتطرف تسعى لاستغلال إجراءات الإغلاق للحد من انتشار فيروس كورونا من أجل تنظيم مظاهرات للاعتراض على قرارات الحكومة وممارسة العنف في الشوارع. ويقول هالدنفانغ أن أكثر ما يثيير قلقه في هذه المظاهرات التي يحشد لها اليمين المتطرف هو احتمالية استغلال روسيا لها وتضخيمها عبر وسائل إعلامها، كما أشارت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل إلى أن اليمين المتطرف أصبح سم المجتمع.
يُمكن لاتساع دائرة اليمن المتطرف في ألمانيا أن تؤثر بشدة على المهاجرين والأقليات الأمر الذي قد يخلق بدوره مجموعات كراهية متبادلة في حين أن ذلك من شأنه أن يحفز جماعات الإسلاموية لتبرير هجماتهم في ألمانيا والمنطقة الأوروبية.
مراجعة : نهى العبادي
رابط مختصر.. https://www.europarabct.com/?p=73868
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
الهوامش
Verfassungsschutz¬bericht 2019, Fakten und Tendenzen (Kurzzusammenfassung)
ألمانيا تتجسس على جناح في حزب البديل اليميني المتطرف
الاستخبارات الألمانية تصنف “حركة الهوية” كحركة يمينية متطرفة
إغلاق حسابات على تويتر لـ “حركة الهوية” اليمينية المتطرفة
اليمين المتطرف يشكّل {الخطر الأكبر} على ألمانيا